كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 12)

ووجه التشبيه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- من شأنه أن يبعث إلى قوم لا يعقلون أمر دينهم, فيكون كافلًا لهم ومرشدًا, وكذلك كافل اليتيم يقوم بكفالة من لا يعقل أمر دينه، بل ولا دنياه, ويعلمه ويحسن أدبه.
وعن ابن عباس قال: جلس ناس من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- ينتظرونه، قال: فخرج حتى إذا دنا منهم سمعهم وهم يتذاكرون، فسمع حديثهم، فقال بعضهم: عجبًا, إنَّ الله اتخذ من خلقه خليلًا، اتخذ الله إبراهيم خليلًا، وقال آخر: ماذا بأعجب من كلام موسى، كلمه تكليمًا, وقال آخر: فعيسى روح الله، وقال آخر: وآدم اصطفاه الله، فخرج عليهم فسلّم وقال: "قد سمعت كلامكم وعجبكم, إن الله اتخذ إبراهيم خليلًا وهو كذلك, وموسى كلمه الله وهو كذلك, وعيسى روح الله وهو كذلك, وآدم اصطفاه الله وهو كذلك, ألا وأنا حبيب الله ولا فخر، وأنا
__________
وللطبراني الصغير عن جابر، قلت: يا رسول الله, مم اضرب منه يتمي؟ قال: "ما كانت ضاربًا منه ولدك غير واقٍ مالك بماله"، وزاد في رواية مالك: "حتى يستغني عنه" فيستفاد منه أن للكفالة المذكورة أمدًا. انتهى.
"ووجه التشبيه" كما نقله الحافظ عن شيخه العراقي في شرح الترمذي, بين النبي والكافل أنَّ النبي من شأنه أن يبعث إلى قوم لا يعقلون أمر دينهم, فيكون كافلًا لهم ومرشدًا لهم ومعلمًا, وكذلك كافل اليتيم يقوم بكفالة من لا يعقل أمر دينه، بل" إضراب انتقالي, "ولا دنياه, ويعلمه ويحسن أدبه" فناسب علوّ منزلته بقرب النبي -صلى الله عليه وسلم.
"وعن ابن عباس قال: جلس" قع "ناس من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- ينتظرونه, قال" ابن عباس: فخرج حتى إذا دنا منهم سمعهم وهم يتذاكرون، فسمع حديثهم, فقال بعضهم: عجبًا إنَّ الله اتخذ من خلقه خليلًا" مع أنه لا نسبة بين الخالق والمخلوق, "اتخذ الله إبراهيم خليلًا", "وقال آخر: ماذا بأعجب من كلام موسى, كلمه تكليمًا، وقال آخر: فعيسى روح الله, وقال آخر: فآدم اصطفاه الله, فخرج -صلى الله عليه وسلم، فسلَّم وقال: "قد سمعت كلامكم وعجبكم, إنَّ الله اتخذ إبراهيم خليلًا وهو كذلك" فإنه تعالى قال: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} [النساء: 185] "وموسى كليم الله وهو كذلك" قال تعالى: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: 164] "وعيسى روح الله وهو كذلك" في القرآن, "وآدم اصطفاه الله وهو كذلك" {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ} , "ألا" بالفتح والتخفيف، أي: تنبهوا لما تعلموه مما حباني به زيادة عليهم

الصفحة 382