كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 12)

وروى عبد الله ابن الإمام أحمد من حديث أبي هريرة: لما نزلت الآية {ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ، وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ} [الواقعة: 39-40] قال -صلى الله عليه وسلم: "أنتم ثلث أهل الجنة، أنتم نصف أهل الجنة، أنتم ثلثا أهل الجنة"، قال الطبراني: تفرَّد برفعه ابن المبارك عن الثوري.
وفي حديث بهز بن حكيم، رفعه: "أهل الجنة عشرون ومائة صف، أنتم منها ثمانون".
وعن عمر بن الخطاب، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن الجنة حُرِّمَت على
__________
الآخرون من أهل الدنيا, والأولون يوم القيامة, المقضي لهم قبل الخلائق" "وهي" أي: هذه الأمة "أكثر أهل الجنة".
"روى عبد الله ابن الإمام أحمد" بن محمد بن حنبل الشيباني, أبو عبد الرحمن البغدادي الحافظ، ابن الحافظ روى عن أبيه وابن معين وخلق، وعنه النسائي والطبراني وجماعة، قال الخطيب: كان ثقة ثبتًا فهمًا, ولد سنة ثلاث عشرة ومائتين, ومات سنة تسعين ومائتين, من حديث أبي هريرة، قال: لما نزلت هذه الآية: {ثلة} جماعة {مِنَ الْأَوَّلِينَ، وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ} [الواقعة: 39، 40] قيل: الأولى من الأمم الماضية, والثانية من هذه الأمة، لكن ورد بسند حسن عن أبي بكر، رفعه: أنهما جميعًا من هذه الأمة، فالأولى الصحابة, والثانية ممن بعدهم، لكن يؤيد الأول أنه "قال -صلى الله عليه وسلم" مخاطبًا للحاضرين, ومن بعدهم إلى آخر الدنيا من أمة الإجابة: "أنتم ثلث أهل الجنة، أنتم نصف أهل الجنة، أنتم ثلثا أهل الجنة" يحتمل أنَّه فهم أولًا أنهم ثلث نظرًا لكثرة الأولين، ثم عدل عنه إلى النصف نظرًا إلى أن أصل التساوي في مثل هذا لقوله: {ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ، وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ} ، ثم أوحى إليه في الحال ولو بالإلهام أنهم ثلثان، فأخبر به, هذا ما ظهر لي والله أعلم.
"قال الطبراني: تفرَّد برفعه ابن المبارك" عبد الله "عن الثوري" سفيان بن سعيد "وفي حديث بهز" بفتح الموحدة وإسكان الهاء وزاي منقوطة "ابن حكيم" بفتح فكسر, ابن معاوية القشيري, صدوق, لم يلق أحدًا من الصحابة، مات في بضع وخمسين ومائة "رفعه: "أهل الجنة عشرون ومائة صف, أنتم منها ثمانون" صفًّا، فهم ثلثا أهل الجنة، وهذا رواه أحمد والترمذي وحسنه, وابن ماجه وابن حبان والحاكم وصحَّحه على شرطهما, عن بريدة بن الحصيب، قال: "قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "أهل الجنة عشرون ومائة صف, ثمانون منها من هذه الأمة, وأربعون من سائر الأمم".
"وروى الطبراني في الأوسط وابن النجار والدارقطني "عن عمر بن الخطاب, أن

الصفحة 385