كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 12)

الأنبياء كلهم حتى أدخلها، وحُرِّمَت على الأمم حتى تدخلها أمتي". قال الدارقطني: غريب عن الزهري.
فإن قلت: فما تقول في الحديث الذي صححه الترمذي من حديث بريدة بن الحصيب قال: أصبح رسول الله -صلى الله عليه وسلم، فدعا بلالًا فقال: "يا بلال، بم سبقتني إلى الجنة، فما دخلت الجنة قط إلّا سمعت خشخشتك أمامي"، الحديث.
أجاب عنه ابن القيم: بأنَّ تقدم بلال بين يديه -صلى الله عليه وسلم, إنما هو لأنَّه كان يدعو إلى الله أولًا بالأذان، ويتقدَّم أذانه بين يدي النبي -صلى الله عليه وسلم, فيتقدَّم دخوله بين يديه كالحاجب والخادم، قال: وقد روي في حديثٍ أن النبي -صلى الله عليه وسلم- يبعث يوم القيامة
__________
رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن الجنة حُرِّمَت" أي: منعت "على الأنبياء كلهم" المراد بهم ما يشمل المرسلين, "حتى أدخلها، وحُرِّمَت على الأمم حتى تدخلها أمتي" أي: إن المطيع الذي لم يعذب من أمته يدخلها قبل الطائع الذي لم يعذَّب من أمة غيره، وداخل النار من أمته يدخل الجنة قبل داخل النار من أمة غيره، فجملة أمته وتمام دخولها الجنة سابق على دخول أمة غيره، فلا يرد ما قد يتوهم أنه لا يدخل أحد من سابق الأمم الطائعين إلّا بعد خروج العاصين من الأمة المحمدية من النار، ولذا لم يؤكد بكل في الأمم بخلاف الأنبياء، وأخذ من الحديث: إن هذه الأمة يخفَّف عن عصاتها ويخرجون قبل عصاة غيرها.
"قال الدارقطني: غريب عن الزهري" محمد بن مسلم بن شهاب, "فإن قلت:" إذا ثبت أنه -صلى الله عليه وسلم- أوَّل داخل على الإطلاق, "فما تقول في الحديث" أي: فما الجمع بينه وبين الحدي "الذي" رواه أحمد و"صححه الترمذي" وابن حبان والحاكم "من حديث بريدة" بموحدة- مصغَّر "ابن الحصيب" بمهملتين- مصغَّر, الأسلمي, "قال: أصبح رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فدعا بلالًا، فقال: "يا بلال, بم سبقتني إلى الجنة, فما دخلت الجنة قط إلّا سمعت خشخشتك" بخاءين وشينين معجمات، أي: صوتك "أمامي" بالفتح- قدَّامي، "إني دخلت البارحة الجنة, فسمعت خشخشتك أمامي" الحديث بقيته, المقصود منه هنا قوله: "إني دخلت البارحة......" إلخ.
وباقيه رؤيته قصرًا من ذهب لعمر, "أجاب عنه ابن القيم، بأن تقدم بلال بين يديه -صلى الله عليه وسلم- إنما هو لأنه كان يدعو إلى الله أولًا بالأذان، ويتقدَّم أذانه بين يدي النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم القيامة وبلال بين يديه" ينادي "بالأذان، فتقدمه بين يديه كرامة له -صلى الله عليه وسلم

الصفحة 386