كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 12)
وبلال بين يديه "ينادي" بالأذان، فتقدمه بين يديه كرامة له -صلى الله عليه وسلم، وإظهارًا لشرفه وفضيلته لا سبقًا من بلال له.
وروى ابن أبي شيبة من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "أتاني جبريل فأخذ بيدي، فأراني باب الجنة الذي تدخل منه أمتي"، فقال أبو بكر: يا رسول الله, وددت أني كنت معك حتى أنظر إليه، فقال -صلى الله عليه وسلم: "أما إنك يا أبا بكر أوّل من يدخل الجنة من أمتي".
وقد دلَّ هذا الحديث على أنَّ لهذه الأمة بابًا مختصًا يدخلون منه الجنة دون سائر الأمم.
فإن قلت: من أي أبواب الجنة يدخل النبي -صلى الله عليه وسلم؟
فالجواب: إنه قد ذكر الترمذي الحكيم أبواب الجنة، كما نقله عنه القرطبي
__________
واظهارًا لشرفه وفضيلته, لا سبقًا من بلال له".
وتعقَّب هذا بأنه لا يلائم السياق؛ إذ لو كان كحاجبه لما قال له: "بم سبقتني"، فقال له بلال: ما أذَّنت قط, إلّا صليت ركعتين, وما أصابني حدث قط إلّا توضأت وصليت ركعتين، فقال -صلى الله عليه وسلم: "بهذا" كما في رواية في الجامع الكبير، فالأولى في الجواب أنها رؤيا منام, ولا يرد بأن رؤيا الأنبياء حق؛ لأن معناه ليست من الشيطان, فمثل له بلال ماشيًا أمامه, إشارة إلى أنه استوجب الدخول لسبقه إلى الإسلام, وتعذيبه في الله, وأن ذلك صار أمرًا محققًا، وأَوْلَى منه ما سبق أن الدخول النبوي يتعدَّد أربع مرات.
"وروى" الحافظ أبو بكر عبد الله بن محمد "بن أبي شيبة", واسمه: إبراهيم الواسطي الكوفي, صاحب تصانيف، مات سنة خمس وثلاثين ومائتين -كما في التقريب وغيره، وتقدَّم مرارًا "من حديث أبي هريرة، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "أتاني جبريل، فأخذ بيدي, فأراني باب الجنة الذي تدخل منه أمتي" فقا أبو بكر" الصديق: "يا رسول الله, وددت" بكسر الدال الأُولَى "أني كنت معك حتى أنظر إليه، قال -صلى الله عليه وسلم: "أما" بالفتح والتخفيف "إنك" بكسر الهمزة "يا أبا بكر, أوَّل من يدخل الجنة من أمتي" من الرجال, وفاطمة أول من يدخل من النساء -كما ورد أيضًا, فلا خلف، وما ورد من الأولية في غيرهما, فالمراد بعدهما، "فقد دلَّ هذا الحديث" وقد رواه أحمد وصحَّحَه الحاكم "على أنَّ لهذه الأمة بابًا مختصًا يدخلون منه الجنة دون سائر الأمم" تشريفًا لهم.
"فإن قلت: من أي أبواب الجنة يدخل النبي -صلى الله عليه وسلم؟ فالجواب: إنه قد ذكر الترمذي