كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 12)

وعنده أيضًا عن ميسرة قال: إن الله لم يمس شيئًا من خلقه غير ثلاث: خلق آدم بيده, وكتب التوراة بيده، وغرس جنة عدن بيده.
فجنة عدن أعلى الجنان وسيدتها, وهي قصبة الجنة، وفيها الكثيب الذي تقع فيه الرؤية، وعليه تدور ثمانية أسوار, بين كل سورين جنة، فالتي تلي جنة عدن من الجنان جنة الفردوس، وأصله البستان، وهي أوسط الجنان التي دون جنة عدن وأفضلها, ثم جنة الخلد، ثم جنة النعيم، ثم جنة المأوى، وهي التي يأوي إليها جبريل وميكائيل والملائكة. وعن مقاتل: تأوي إليها أرواح الشهداء، ثم دار السلام؛ لأنها دار السلامة من كل مكروه، ثم دار المقامة.
واعلم أن للجنة أسماء عديدة, وكلها باعتبار صفاتها، ومسمَّاها واحد باعتبار ذاتها،
__________
فقال: وعزَّتي وجلالي, لا يجاورني فيك بخيل" , "وعنده أيضًا عن ميسرة قال: إنَّ الله لم يمس شيئًا من خلقه غير ثلاث: خلق آدم بيده, وكتب التوراة بيده, وغرس جنة عدن بيده، فجنة عدن أعلى الجنان" وبذلك سميت في قوله تعالى: {جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ} [الزمر: 71] وسيدتها" أي: أفضلها "وهي قصبة الجنة" أي: وسطها, "وفيها الكثيب" بمثلثة "الذي تقع فيه الرؤية" لله تعالى, "وعليها تدور ثمانية أسوار, بين كل سورين جنة، فـ" الجنة "التي تلي جنة عدن من الجنان جنة الفردوس" {كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا} [الكهف: 107] وأصله" لغةً "البستان" يذكَّر ويؤنَّث.
قال ابن الأنباري: فيه كروم، قال الفراء، هو عربي مشتق من الفردسة وهي السعة، وقيل: منقول من الرومية إلى العربية, "وهي أوسط الجنان التي دون جنة عدن وأفضلها" في جزمه، أنَّ جنة عدن أفضل من جنة الفردوس, نظر؛ لأنه خلاف ما في الصحيحين مرفوعًا: "إنَّ في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيله, ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض, فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس، فإنه وسط الجنة, وأعلى الجنة, وفوقه عرش الرحمن, ومنه تفجر أنهار الجنة"، والمراد بوسط الجنة: خيارها وأفضلها, "ثم جنة الخلد {لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْد} [فصلت: 8] ثم جنة النعيم {فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ} [الواقعة: 89] ثم جنة المأوي {عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى} [النجم: 15] ، وهي التي يأوي إليها جبريل وميكائيل والملائكة".
"وعن مقاتل: تأوي إليها أرواح الشهداء, ثم دار السلام" {لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ} [الأنعام: 127] لأنها دار السلامة من كل مكروه، ثم دار المقامة" بضم الميم- {الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ} [فاطر: 35] فهذه سبع جنان مذكورة في القرآن كما علم "واعلم أنَّ للجنة أسماء عديدة" منها هذه السبع, ودار الله, ودار

الصفحة 393