كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 12)

فذكرهما ثم قال: {وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ} [الرحمن: 62] أي: فهذه أربع، وقال -صلى الله عليه وسلم: "جنتان من فضة آنيتهما وما فيهما, وجنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما" رواه الشيخان من حديث أبي موسى الأشعري.
وقد قسَّم بعضهم الجنان بالنسبة إلى الداخلين فيها ثلاثة.
اختصاص إلهيّ, وهي التي يدخلها الأطفال الذين لم يبلغوا الحلم، ومن أهلها أهل الفترات، ومن لم تصل إليه دعوة رسول.
__________
خائفين منكما، أو لكلّ واحد جنة لعقيدته، والأخرى لعمله، أو جنة لفعل الطاعات وأخرى لترك المعاصي، أو جنة يثاب بها, وأخرى يتفضل بها عليه, وروحانية وجسمانية "فذكرهما ثم قال: ومن دونهما" أي: الجنتين الموعودتين للخائفين المقربين "جنتان" لمن دونهم من أصحاب اليمين.
كذا في البيضاوي: "فهذه أربع", وفي كل جنة درجات ومنازل وأبواب, وكلها تتصف بالمأوى والخلد وعدن والسلام، ولذا اختار الحليمي أنَّ الجنان أربع لهذه الآية، والحديث وهو: "وقال -عليه السلام: "جنتان" مبتدأ "من فضة" خبر قوله: "آنيتهما وما فيهما" عطف عليه, وحذف متعلق من فضة، أي: آنيتهما كائنة من فضة, والجملة خبر جنتان, "وجنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما" بإعراب سابقه.
وللبيهقي عن أبي موسى رفعه: "جنتان من ذهب للسابقين, وجنتان من ورق لأصحاب اليمين"، وله ولأحمد والطيالسي, عن أبي موسى, عن النبي -صلى الله عليه وسلم: "جنات الفردوس أربع: جنتان من ذهب حليتهما وآنيتهما وما فيهما, وجنتان من فضة حليتهما وآنيتهما وما فيهما" رواه الشيخان من حديث أبي موسى الأشعري: أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "جنتان من فضة" فذكره بتقديم الفضة كما سقته، ويقع في كثير من نسخ المصنف بتقديم الذهب, وهو خلاف ما في الصحيحين.
وإن كان رواته في غيرهما، وبقية الحديث عند الشيخين وغيرهما: "وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم إلّا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن"، وقوله: "في جنة عدن" ظرف للقوم, أو نصب حالًا منهم.
قال البيهقي: رداء الكبرياء استعارة لصفة الكبرياء والعظماء؛ لأنه بكبريائه لا يراه أحد من خلقه إلّا بإذنه، ويؤيده أنَّ الكبرياء ليس من جنس الثياب المحسوسة, "وقد قسَّم بعضهم الجنان بالنسبة إلى الداخلين فيها ثلاثة: جنة اختصاص إلهيّ" أي: خصَّ الله بها هؤلاء الذين لا عمل لهم, وهي التي يدخلها الأطفال الذين لم يبلغوا الحلم، ومن أهلها" أيضًا "أهل الفترات" جمع فترة, بين الرسل, "ومن لم تصل إليه دعوة رسول، والجنة الثانية: جنة ميراث ينالها كل

الصفحة 395