كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 12)

والجنة الثانية: جنة ميراث، ينالها كل من دخل الجنة من المؤمنين، وهي الأماكن التي كانت معينة لأهل النار لو دخلوها.
والجنة الثالثة: جنة الأعمال، وهي التي ينزل الناس فيها بأعمالهم، فمن كان أفضل من غيره في وجوه التفاضل كان له من الجنة أكثر, وسواء كان الفاضل دون المفضول أو لم يكن، غير أنَّ فضله في هذا المقام لهذه الحالة، فما من عمل من الأعمال إلّا وله جنة. ويقع التفاضل فيها بين أصحابها بحسب ما تقتضي أحوالهم, قال -صلى الله عليه وسلم: "يا بلال، بم سبقتني إلى الجنة" الحديث. فعلم أنها كانت جنة مخصوصة، فما من فريضة ولا نافلة ولا فعل خير ولا ترك محرم إلّا وله جنة مخصوصة ونعيم خاص، يناله من دخلها، وقد يجمع الواحد من الناس في الزمان الواحد أعمالًا من العبادات, فيؤجر في الزمان الواحد من وجوه كثيرة، فيفضل غيره ممن ليس كذلك.
فقد تبيِّن أن نيل المنازل والدرجات في الجنات بالأعمال, وأمَّا الدخول فلا يكون إلّا برحمة الله تعالى، كما في البخاري ومسلم من حديث عائشة، أن
__________
من دخل الجنة من المؤمنين، وهي الأماكن التي كانت معينة لأهل النار لو دخلوها" لو آمنوا وماتوا عليه, "والجنة الثالثة جنة الأعمال وهي التي ينزل الناس فيها بأعمالهم، فمن كان أفضل من غيره في وجوه التفاضل كان له من الجنة أكثر, وسواء كان الفضل دون المفضول, أو لم يكن, غير أنَّ فضله في هذا المقام بهذه الحالة, ولا يلزم منه الفضل المطلق, "فما من عمل من الأعمال إلّا وله جنة, ويقع التفاضل فيها بين أصحابها بحسب ما تقتضي أحوالهم".
"قال -صلى الله عليه وسلم: "يا بلال, بم سبقتني إلى الجنة...." الحديث السابق قريبًا, "فعلم أنها" أي: الجنة التي سبقه بلال إليها "كانت جنة مخصوصة", فما من فريضة ولا نافلة ولا فعل خير" زيادة إطناب؛ إذ هو لا ينفك عن أحدهما, "ولا ترك محرم" داخل في الفريضة "إلّا وله جنة مخصوصة ونعيم خاص يناله من دخلها".
"وقد يجمع الواحد من الناس في الزمان الواحد أعمالًا من العبادات, فيؤجر في الزمان الواحد من وجوه كثيرة، فيفضل غيره ممن ليس كذلك" مثاله: معتكف صائم صلى الضحى مثلًا وتصدَّق بدينار أو رغيف ناوله لمن يجنبه، أو أشار إليه بأخذه وهو يصلي.
:فقد تبيِّن أن نيل المنازل والدرجات في الجنان بالأعمال، وأمَّا الدخول فلا يكون

الصفحة 396