كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 12)

اليوم ولا أنتم تحزنون, أنتم أوليائي وجيراني وأحبابي, إني أنا الله الجواد الغني، وهذه داري قد أسكنتموها، وجنتي قد أبحتكموها، وهذه يدي مبسوطة ممتدة عليكم، وأنا ربكم أنظر إليكم، لا أصرف نظري عنكم، أنا لكم جليس وأنيس، فارفعوا إليّ حوائجكم, فيقولون: ربنا حاجتنا إليك النظر إلى وجهك الكريم, والرضى عنا, فيقول لهم -جلَّ جلاله: هذا وجهي فانظروا إليه, وأبشروا فإني عنكم راضٍ, ثم يرفع الحجاب ويتجلَّى لهم, فيخرون سجَّدًا, فيقول لهم: ارفعوا رءوسكم, فليس هذا موضع سجود يا عبادي، ما دعوتكم إلّا لتتمتعوا بمشاهدتي، يا عبادي قد رضيت عنكم, فلا أسخط عليكم أبدًا.
__________
رءوسهم, فإذا بالرب قد أشرف عليهم من فوقهم, فقال: السلام عليكم يا أهل الجنة، وذلك قول الله {سَلامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ} قال: فينظر إليهم وينظرون إليه، فلا يلتفتون إلى شيء من النعيم ما داموا ينظرون إليه حتى يحتجب عنهم ويبقى نوره وبركته عليهم في ديارهم وإشرافه سبحانه" إطلاعه منزهًا عن المكان والحلول, "ومرحبًا بكم أهل ودادي، أنتم المؤمنون الآمنون, لا خوف عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون" كما قال تعالى: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة: 38] الذين آمنوا وكان يتقون, "أنتم أوليائي وجيراني وأحبابي, إني أنا الله الجوّاد الغني، وهذه داري" بإضافة التشريف "قد أسكنتموها, وجنتي قد أبحتكموها، وهذه يدي مبسوطة" ممتدة "عليكم, وأنا ربكم أنظر إليكم" نظر رحمة ولطف, "لا أصرف نظري عنكم، أنا لكم جليس وأنيس، فارفعوا إليّ حوائجكم، فيقولون: ربنا حاجتنا إليك النظر إلى وجهك الكريم, والرضا عنَّا" أي: دوامه "فيقول لهم -جلَّ جلاله: هذا وجهي انظروا إليه وأبشروا" بهمزة قطع, "فإني عنكم راضٍ، ثم يرفع الحجاب" بالنسبة إليهم, "ويتجلَّى لهم فيخرون سجدًا، فيقول لهم: ارفعوا رءوسكم, فليس هذا موضع سجود".
وعند ابن المبارك والآجرى عن جابر موقوفًا ومرفوعًا: "إذا دخل أهل الجنة الجنة, وأنعم عليهم بالكرامة, جاءتهم خيول من ياقوت أحمر, لا تبول ولا تروث, لها أجنحة، فيقعدون عليها, ثم يأتون الجبّار، فإذا تجلّى لهم خروا سجدًا، فيقول الجبار: يا أهل الجنة, ارفعوا رءوسكم, فقد رضيت عنكم رضًا لا سخط بعده، يا أهل الجنة ارفعوا رءوسكم، فإن هذه ليست بدار عمل, إنما هي دار مقامة ودار نعيم، فيرفعون رءوسهم" , "يا عبادي ما دعوتكم إلّا لتتمتعوا" أي: تنتفعوا وتتلذذوا "بمشاهدتي، يا عبادي قد رضيت عنكم, فلا أسخط عليكم أبدًا".
وفي حديث حذيفة عند البزار، رفعه: "إن الله إذا صيِّرَ أهل الجنَّة إلى الجنة, وليس ثَمَّ ليل

الصفحة 426