كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 12)

قال مؤلفه وجامعه أحمد بن الخطيب القسطلاني -عامله الله بما يليق بكرمه: فهذا آخر ما جرى به قلم المدد، من هذه المواهب اللدنية, وسطرته يد الفيض من المنح المحمدية، وذلك وإن كثر لقليل في جنب شرفه الشامخ، ويسير مما أكرمه الله به من فضله الراسخ, ولو تتبعنا ما منحه الله به من مواهبه، وشرف به من مناقبه، لما وسعت بعض بعضه الدفاتر، وكانت دون مرماه الأقلام
__________
"قال جامعه ومؤلفه" وفي نسخ: مؤلفه وجامعه, "أحمد بن" محمد "الخطيب" بن أبي بكر محمد "القسطلاني" بفتح القائف وشد اللام على ما اشتُهِرَ، وُلِدَ كما ذكره شيخه السخاوي في الضوء اللامع بمصر, ثاني عشر ذي القعدة, سنة إحدى وخمسين وثمانمائة, وحفظ عدة كتب، وأخذ عن الشهاب العبادي, والبرهان العجلوني, والفخر المقسي, والشيخ خالد الأزهري النحوي, والسخاوي, وغيرهم، وقرأ البخاري على الشهاوي في خمسة مجالس، وحج مرارًا, وجاور بمكة مرتين.
وروى بها عن جمع جمّ، منهم: النجم بن فهد, وكان يعظ بجامع الغمري وغيره، ولم يكن له في الوعظ نظير. انتهى.
وله تصانيف كشرح البخاري، ثم اختصره في آخر: سماء الإسعاد مختصر الإرشاد, لم يكمل، وشرح صحيح مسلم إلى أثناء الحج, والشاطبية والبردة, وله مسالك الحنفا في الصلاة على المصطفى, ولطائف الإشارات في القرءات الأربع عشرة, وهذه المواهب اللدنية، وقدمت إسنادي إليه بها في أول هذا الشرح، وأعلاه شيخنا دراية.
ورواية عن أحمد بن خليل السبكي, عن إجازة الشريف يوسف الأرميوني، عن المؤلف وشيخنا أبو عبد الله الحافظ البابلي, إجازة عن النور الزيادي، عن أبي الحسن البكري، عن المصنف, ومات يوم الخميس مستهلّ محرم سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة بمنزله بالعينية، وتعذّر الخروج به إلى الصحراء؛ لأنه اليوم الذي دخل فيه السلطان سليم مصر، وكانت وفاته بشيء أصابه من البندق, ودفن على الإمام العيني، وقوله: وجامعه بعد قوله: مؤلفه, إشارة إلى أنه ليس له في تصنيفه إلّا مجرد الجمع من كلامهم، ولا ينافيه قوله: بعد أنه بفيض الله وإنعامه؛ لأن المعنى: أنعم الله عليه بهدايته لأخذه من كلامهم وإطلاعه عليه, "عامله الله بما يليق بكرمه، فهذا آخر ما جرى به قلم المدد من هذه المواهب" جمع موهبة -بكسر الهاء- وهي العطية على جهة التمليك بلا عوض, "اللدنية, وسطرته يد الفيض من المنح" بكسر ففتح- العطايا "المحمدية, وذلك وإن كثر" الواو للحال, "لقليل في جنب شرفه الشامخ" الرفيع, "ويسير مما أكرمه الله به من فضله الراسخ" الثابت, "ولو تتبعنا ما منحه" أعطاه, وخصَّه الله به من مواهبه وشرفه به من

الصفحة 431