كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 12)
كررها مرتين، فعرف أزواجه أنه إنما يريد عائشة, فقلن: يا رسول الله، قد وهبنا أيامنا لأختنا عائشة.
وفي رواية هشام بن عروة عن أبيه عن الإسماعيلي, كان يقول: "أين أنا غدًا" حرصًا على بيت عائشة، فلمَّا كان يومي أذن له نساؤه أن يمرَّض في بيتي.
وعن عائشة: أتى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذات يوم من جنازة بالبقيع، وأنا أجد صداعًا في رأسي، وأنا أقول: وا رأساه، فقال: "بل أنا وا رأساه" ثم قال: ما ضرك لو مت قبلي فغسلتك وكفنتك وصليت عليك، ودفنتك, فقالت: لكأنِّي بك والله لو فعلت ذلك، لقد رجعت إلى بيتي فأعرست فيه ببعض نسائك، فتبسَّم -صلى الله عليه وسلم، ثم بدأ في وجعه الذي مات فيه. رواه أحمد والنسائي.
__________
هذه المقالة "مرتين فعرف" وفي نسخة: فعرفنا على لغة أكلوني البراغيث "أزواجه أنه إنما يريد عائشة فقلن: يا رسول الله, قد وهبنا أيامنا لأختنا عائشة".
"وفي رواية هشام بن عروة عن أبيه عند الإسماعيلي: كان -صلى الله عليه وسلم- يقول: "أين أنا غدًا؟ " حرصًا على بيت عائشة" أي: على أن يكون في بيتها, كما في رواية: "فلمَّا كان يومي أذن له نساؤه أن يمرَّض في بيتي", ويمكن الجمع بين هذه الروايات بأن كان يقول: "أين أنا غدًا؟ " قبل يوم عائشة، وأمر فاطمة أن تستأذنهنَّ فأخبرتهنَّ بذلك، فلمَّا كان يوم عائشة قال وهن عنده: "أين أنا غدًا؟ " وكرها، ففهم أزواجه أنه يريد عائشة، وأكَّد ذلك قول فاطمة: إنه يشق عليه الاختلاف، فوهبن أيامهنَّ لعائشة، فقال -صلى الله عليه وسلم- زيادة في تطييب قلوبهنَّ: "أني لا أستطيع....." إلخ.
وكان ذلك في يومها كما قالت, فلمَّا كان في يومي أذن له نساؤه أن يمرَّض في بيتي، هكذا ظهر لي.
"وعن عائشة: أتى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذات يوم من جنازة" لبعض أصحابه "بالبقيع" بموحدة- مقبرة المدينة, "وأنا أجد صداعًا في رأسي" جملة حالية, "وأنا أقول: وا رأساه" ندبت نفسها وأشارت إلى الموت، قاله الطيبي: كأنها فهمت أن وجع رأسها يتولّد منه الموت, فقال -صلى الله عليه وسلم- مشيرًا إلى أنها لا تموت منه بالإضراب "بل أنا وا رأساه"، ثم قال مشيرًا إلى أنها لو ماتت قبله لكان خيرًا لها: "ما ضرك لو مت قبلي فغسَّلتك" بنفسي على ظاهره، ففيه أنَّ الزوج أحقّ بتغسيل زوجته, "وكفَّنتك وصليت عليك ودفنتك"، فقالت: لكأنِّي بك والله لو فعلت" أي: لو قام بي "ذلك" فهو -بضم التاء أو بفتحها خطابًا، أي: لو فعلت الغسل وما بعده "لقد رجعت إلى بيتي فأعرست، من أعرس، أي: غشي "فيه ببعض نسائك، فتبسّم -صلى الله عليه وسلم, ثم بدأ في وجعه الذي مات فيه، ورواه أحمد والنسائي" من طريق عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عنها.