كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 12)

وفي البخاري: قالت عائشة: وا رأساه, فقال -صلى الله عليه وسلم: "ذاك لو كان وأنا حي, فأستغفر لك وأدعو لك" فقالت عائشة: وا ثكلياه، والله إنّي لأظنك تحب موتي، فلو كان ذلك لظللت آخر يومك معرسًا ببعض أزواجك، فقال -صلى الله عليه وسلم: "بل أنا وا رأساه، لقد هممت أو أردت أن أرسل إلى أبي بكر وابنه, فأعهد أن يقول القائلون أو يتمنَّى المتمنون، ثم قلت: يأبى الله ويدفع المؤمنون، أو يدفع الله ويأبى المؤمنون".
__________
"وفي البخاري" في الطب والأحكام "قالت عائشة: وا رأساه" من الصدع ظنًّا أنه قد يتولّد منه الموت "فقال -صلى الله عليه وسلم: "ذاك" بكسر الكاف، أي: موتك -كما يدل عليه السياق "لو كان وأنا حي" الواو للحال "فأستغفر لك وأدعو لك" بكسر الكاف فيهما, "فقالت عائشة: واثكلياه" بضم المثلثة وسكون الكاف وكسر اللام مصححًا عليها في الفرع بعدها تحتية خفيفة فألف فهاء ندبة، وفي بعض الأصول: بفتح اللام, ولم يذكر الحافظ ابن حجر غيرها، وتعقّبه العيني فقال: ليس كذلك؛ لأنَّ ثكلياه إمَّا أن يكون مصدرًا أو صفة للمرأة التي فقدت ولدها، فإن كان مصدرًا فالثاء مضمومة واللام مكسورة، وإن كان صفة فالثاء مفتوحة واللام كذلك، قال في القاموس: الثكل بالضم الموت والهلاك وفقدان الحبيب أو الولد. انتهى.
وليست حقيقته مرادة هنا, بل هو كلام يجري على ألسنتهم عند حصول المصيبة أو توقعها, قاله المصنف, "والله إني لأظنك تحب موتي" فهمت ذلك من قوله: "لو كان وأنا حي" , "فلو كان ذلك" أي: موتي، وفي رواية: ذاك بلا لام" لظللت" بفتح اللام والظاء المعجمة وكسر اللام الأولى وسكون الثانية، أي: لدنوت وقربت "آخر يومك" من موتى حال كونك "معرسًا" بضم الميم وفتح العين المهملة وكسر الراء المشددة فسين مهملة- اسم فاعل, وبسكون العين وخفة الراء من أعرس بالمرأة إذا بنى بها أو غشيها "ببعض أزواجك", ونسيتني, "فقال -صلى الله عليه وسلم: "بل أنا وا رأساه" قال المصنف: هكذا في الأصول المعتمدة التي وقفت عليها بإثبات بل الإضرابية, "لقد همت أو أردت" بالشك من الراوي "أن أرسل إلى أبي بكر" الصديق وابنه عبد الرحمن, "فأعهد" بفتح الهمزة والنصب عطفًا على أرسل: أي: أوصي بالخلافة إلى أبي بكر كراهية "أن يقول القائلون" الخلافة لفلان أو يقول واحد منهم: الخلافة لي, وأن مصدرية, والمقول محذوف, "أو يتمنَّى المتمنون" أن تكون الخلافة لهم فأعينه قطعًا للنزع، وقد أراد الله تعالى أن لا يعهد ليؤجر المسلمون على الاجتهاد, والمتمنون -بضم النون- جمع متمنٍّ بكسرها، وقال ابن التين: ضبط بفتح النون, وإنما هو بضمها؛ لأن الأصل المتمنيون بزنة المتطهرون, استثقلت الضمة على الياء فحذفت, فاجتمع ساكنان الياء والواو فحذفت الياء لذلك وضمت النون لأجل الواو؛ إذ لا يصح واو قلبها كسرة. انتهى.

الصفحة 87