كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 12)

لنا الآجر" رواه ابن ماجه وابن أبي الدنيا، والحاكم, وقال: صحيح الإسناد، كلهم من رواية أبي سعيد الخدري.
وقالت عائشة: ما رأيت أحدًا كان أشدَّ عليه الوجع من رسول الله -صلى الله عليه وسلم.
وعن عبد الله قال: دخلت على النبي -صلى الله عليه وسلم, وهو يوعك وعكًا شديدًا، فقلت: يا رسول الله، إنك توعك وعكًا شديدًا، قال: "أجل، إني أوعك كما يوعك رجلان منكم"، قلت: ذلك أن لك أجرين، قال: "أجل ذلك كذلك، ما من مسلم يصيبه أذى شوكة فما فوقها إلا كَفَّر الله بها سيئاته، كما تحط الشجرة ورقها" رواه البخاري.
__________
معاشر الأنبياء "كذلك يشدد علينا البلاء ويضاعف لنا الأجر".
"رواه ابن ماجه وابن أبي الدنيا والحاكم، وقال: صحيح الإسناد، كلهم من رواية أبي سعيد الخدري" سعد بن مالك بن سنان, "وقالت عائشة: ما رأيت أحدًا كان أشدّ عليه الوجع" أي: المرض، والعرب تسمي كل مرض وجعًا "من رسول الله -صلى الله عليه وسلم" زيادة في أجره، وهذا الحديث رواه الشيخان.
"وعن عبد الله" بن مسعود قال: دخلت على النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو" أي: والحال أنه يوعك بفتح العين- يحمّ "وعكًا شديدًا" فمسسته, "فقلت: يا رسول الله, إنك توعك وعكًا" بسكون العين وفتحها "شديدًا: قال: "أجل" بفتح الجيم وسكون اللام مخفَّفة، أي: نعم "إني أوعك كما يوعك رجلان منكم"؛ لأنه كالأنبياء مخصوص بكمال الصبر.
قال ابن مسعود: "قلت ذلك" التضاعف "إن لك لأجرين، قال: "أجل ذلك كذلك" فالبلاء في مقابلة النعمة، فمن كانت نعم الله عليه أكثر كان بلاؤه أشد, "وما من مسلم يصيبه أذى شوكة" بالرفع بدل, والتنكير للتقليل, ودونها في الحقارة، وعكس ذلك قاله في الفتح والكواكب، وفي رواية: أذى مرض فما سواه, "إلا كفَّر الله بها" وفي نسخة: به، أي: بالأذى، لكن الذي في البخاري بها، أي: بالشوكة "سيئاته" الصغائر أو الكبائر، حدث عن الكرم بما شئت "ما تحط الشجرة ورقها" وذلك زمن الخريف، فإنها حينئذ تتجرّد عنها سريعًا لجفافها وكثرة هبوب الرياح.
زاد في حديث سعد بن أبي وقاص عند الدارمي، وصحَّحه الترمذي وابن حبان: "حتى يمشي على الأرض وما عليه خطيئة"، قال الطيبي: تحات ورق الشجر كنايةً عن إذهاب الخطايا, شبَّه حالة المريض وإصابة المرض جسده، ثم محو السيئات عنه سريعًا, بحملة الشجر وهبوب الرياح وتناثر الأوراق منها وتجردها عنها، فهو تشبيه تمثيلي لانتزاع الأمور والمتوهمة في المشبه

الصفحة 91