كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 12)

وفي حديث عائشة: إنه -صلى الله عليه وسلم- كان بين يديه علبة أو ركوة فيها ماء، فجعل يدخل يديه في الماء، فيمسح بهما وجهه ويقول: "لا إله إلا الله, إن للموت سكرات" الحديث رواه البخاري.
وروى أيضًا عن عروة أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "ما أزال أجد ألم الطعام الذي أكلت بخيبر، فهذا أوان وجدت انقطاع أبهري من ذلك السم".
وفي رواية: "ما زالت أكلة خيبر تعادني".
__________
وليس ذلك نقصًا في حقهم ولا عذابًا، بل كمال رفعة مع رضاهم بجميل ما يجريه الله عليهم، وقال العارف الجيلاني: إنما كان الحق يديم على أصفيائه البلايا والمحن ليكونوا دائمًا بقلوبهم في حضرته لا يغفلون عنه؛ لأنه يحبهم ويحبونه, فلا يختارون الرخاء؛ لأن فيه بعدًا عن محبوبهم، وأمَّا البلاء فقيد للنفوس يمنعها من الميل لغير المطلوب، فإذا دام ذابت الأهوية وانكسرت القلوب، فوجدوا الله أقرب إليهم من حبل الوريد كما قال الله تعالى.
وفي بعض الكتب الإلهية: أنا عند المنكسرة قلوبهم من أجلي، أي: على الكشف منهم والشهود, وإلا فهو عند كل عبد انكسر قلبه أم لا.
"وفي حديث عائشة أنه -صلى الله عليه وسلم- كان بين يديه علبة" بضم العين وسكون اللام وفتح الموحدة- قدح ضخم من خشب "أو ركوة" بفتح الراء- من جلد, يشك عمر بن سعيد أحد رواته، كما في البخاري: "فيها ماء, فجعل يدخل يديه في الماء فيمسح بهما وجهه ويقول: "لا إله إلا الله, إن للموت سكرات" جمع سكرة وهي الشدة..... "الحديث" باقية، ثم نصب يده فجعل يقول في الرفيق الأعلى حتى قبض ومالت يده.
"رواه البخاري" إن عائشة كانت تقول: إن من عم الله عليّ أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- توفي في بيتي.... الحديث، وفيه: وكان بين يديه ركوة إلى آخر ما هنا.
"روى" البخاري "أيضًا" لكن تعليقًا, قال الحافظ: وصله البزار والحاكم والإسماعيلي "عن عروة "بن الزبير، عن عائشة، أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "ما أزال أجد ألم الطعام" أي: أحس الألم في جوفي بسبب الطعام المسموم "الذي أكلت بخيبر، فهذا أوان" بالرفع على الخبرية, وهو الذي في الفرع وبالفتح لإضافته إلى مبني وهو الماضي؛ لأن المضاف والمضاف إليه كالشيء الواحد, وهو في موضع رفع خبر المبتدأ, قاله المصنف واقتصر الحافظ على قوله: أوان -بالفتح على الظرفية "وجدت انقطاع أبهري من ذلك السم" بفتح السين وضمها.
"وفي رواية" لابن سعد بأسانيد متعددة في قصة الشاة التي سمت له بخيبر، وقال في آخرها: وعاش بعد ذلك ثلاث سنين حتى كان وجعه الذي قبض فيه جعل يقول: "ما زلت أكلة

الصفحة 93