كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 12)
له بين يديه في الجنة ليهوّن عليه موته، فإن العيش إنما يطيب باجتماع الأحِبَّة، وقد سأله -صلى الله عليه وسلم- رجل فقال: أي الناس أحب إليك؟ فقال: "عائشة" , فقال: من الرجال, قال: "أبوها" , ولهذا قال لها في ابتداء مرضها لما قالت: وا رأساه, وددت أن ذلك كان وأنا حي, فأصلي عليك وأدفنك، فعظم ذلك عليها، وظنت أنه يحب فراقها، وإنما كان -صلى الله عليه وسلم- يريد تعجيلها بين يديه ليقرب اجتماعهما.
ويروى أنه كان عنده -صلى الله عليه وسلم- في مرضه سبعة دنانير، فكان يأمرهم بالصدقة، ثم يغمى عليه، فيشتغلون بوجعه، فدعا بها فوضعها في كفِّه وقال: "ما ظنّ محمد بربه لو لقي الله وعنده هذه؟ " ثم تصدَّق بها كلها، رواه البيهقي.
انظر إذا كان هذا سيد المرسلين، وحبيب رب العالمين المغفور له ما تقدَّم
__________
حتى لا يكاد يصبر عنها، فمثلت" صورت "له بين يديه في الجنة؛ ليهون" بسكون الواو يسهل "عليه موته، فإن العيش إنما يطيب باجتماع الأحبة" وقراءته بشدّ الواو تقتضي أنه خُفِّفَ عليه في قبض روحه وهو خلاف قوله: "إن للموت سكرات"، وخلاف قول عائشة: لا أكره شدة الموت لأحد بعد النبي -صلى الله عليه وسلم, "وقد سأله صلى الله عليه وسلم رجل" هو عمرو بن العاص, لما أمَّره على ذات السلاسل على جيش فيهم أبو بكر وعمر، قال: فظننت أن لي منزلة عنده، فأتاه "فقال: أيّ الناس" هكذا الرواية في الصحيحين وغيرهما، فنسخة النساء تصحيف سببه خيال يقول في العقل، أنه أنسب بالجواب, "أحب إليك" زاد في رواية: فأحبه "فقال: "عائشة" فقال: من الرجال".
وعند ابن خزيمة وابن حبان عن عمرو: فقلت: إني لست أعني النساء، أني أعني الرجال، فلو كان السؤال، أي النساء, ما صح أن عمرًا يقول هذا, "قال: "أبوها" , فقلت: ثم مَنْ؟ قال: "ثم عمر بن الخطاب" فعدَّ رجالًا، هذا تمامه في الصحيحين، زاد في رواية: سكت مخافة أن يجعلني في آخرهم, "ولهذا قال لها في ابتداء مرضها، لما قالت: وا رأساه: "وددت أن ذلك كان" وجد "وأنا حي, فأصلي عليك وأدفنك" فعظم" شقَّ "ذلك عليها, وظنت أنه يحب فراقها، وإنما كان -عليه الصلاة والسلام- يريد تعجيلها بين يديه ليقرب اجتماعهما، ويروى أنه كان عنده -صلى الله عليه وسلم- في مرضه سبعة دنانير، فكان يأمرهم" أي: من عنده "بالصدقة بها، ثم يغمى عليه, فيشتغلون بوجعه, فدعا بها" أي: أمر بإحضارها "فوضعها في كفِّه وقال: "ما ظن محمد بربه لو لقي الله تعالى" مصدرية "وعنده هذه"، ثم تصدق بها كلها" رغبةًَ في الأجر وإعراضًا عن الدنيا.
"رواه البيهقي, انظر إذا كان هذا سيد المرسلين" بالنصب خبر كان, "وحبيب رب العالمين، المغفور له ما تقدم من ذنبه وما تأخر" وجواب إذا محذوف، أي: تبرأ من الدنيا