كتاب اللباب في علوم الكتاب (اسم الجزء: 12)

فصل
قال المفسرون: اختار الله تعالى لهم مضجعاً في مقناة لا تدخل عليهم الشمس، فتؤذيهم بحرِّها، وتغيِّر ألوانهم، وهم في متَّسع ينالهم بردُ الرِّيح، ويدفع عنهم كرب الغار.
قوله: «ذلِكَ» مبتدأ أشأر به إلى جميع ما تقدم من قصَّتهم.
وقيل: «ذلِكَ» إشارةٌ إلى الحفظ الذي حفظهم الله تعالى في ذلك الغار تلك المدَّة الطويلة.
قوله: {مِنْ آيَاتِ الله} العجيبة الدَّالة على قدرته، وبدائع حكمته، و {مِنْ آيَاتِ الله} الخبر، ويجوز أن يكون «ذلك» خبر مبتدأ محذوف، أي: الأمر ذلك، و {مِنْ آيَاتِ الله} حال. ثم بين تعالى أنه كما أبقاهم هذه المدَّة الطويلة مصونينعن الموت والهلاك من لطفه وكرمه، فكذلك رجوعهم أوَّلاً عن الكفر، ورغبتهم في الإيمان كان بإعانة الله ولطفه؛ فقال: {مَن يَهْدِ الله فَهُوَ المهتد} مثل أصحاب الكهف «ومن يُضْلِل» ، أي: يضلله الله، ولم يرشده؛ ك «دقيانُوس» وأصحابه {فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيّاً} معيناً «مُرْشِداً» .
قوله: {وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظاً} أي: لو رأيتهم، لحسبتهم.
وقال شهبا الدِّين: لا حاجة إلى هذا التقدير.
{أَيْقَاظاً} : جمع «يَقُظٍ» بضم القاف، وبجمع على يقاظٍ، ويقظ وأيقاظ، كعضدٍ وأعضادٍ، ويقظ ويقاظ، كرجلٍ ورجالٍ، وظاهرُ كلام الزمخشريِّ أنه يقال: «يقظٌ» بالكسر؛ لأنه قال: وأيقاظٌ جمع «يقظٍ» كأنكاد في «نكدٍ» .
وقال الخفش، وأبو عبيدة، والزجاج: أيقاظٌ جمع يقظٍ ويقظان.
وأنشدوا [لرؤبة] : [الرجز]
3499 - ووَجدُوا إخْوانَهُم أيْقَاظا..... ... ... ... . .
وقال البغوي: أيقاظاً جمع يقيظ ويقظ، واليقظة: الانتباه عند النَّوم.

الصفحة 443