كتاب اللباب في علوم الكتاب (اسم الجزء: 12)

وقال الضحاك، والسديُّ: هذا في الصَّلاة المنسيَّة.
قال ابن الخطيب: وتعلق هذا الكلام بما قبله يفيد إتمام الكلام في هذه القضيَّة، وجعله مستأنفاً يصير الكلام مبتدأ منقطعاً، وذلك لا يجوز.
ثم قال: {وَقُلْ عسى أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لأَقْرَبَ مِنْ هذا رَشَداً} وفيه وجوهٌ:
الأول: أن ترك قوله: «إنْ شَاءَ اللهُ» ليس بحسن، وذكره أحسن من تركه، وهو قوله: {لأَقْرَبَ مِنْ هذا رَشَداً} المراد منه ذكر هذه الجملة.
الثاني: أنَّه لمَّا وعدهم بشيءٍ، وقال معه (إن شاء الله تعالى) فيقول: عسى أن يهديني ربِّي لشيءٍ أحسن وأكمل مما وعدتُّكم به.
الثالث: أن قوله: {عسى أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لأَقْرَبَ مِنْ هذا رَشَداً} إشارة إلى قصَّة أصحاب الكهف، أي: لعلَّ الله يؤتيني من البيِّنات والدلائل على صحَّة نبوَّتي وصدقي في ادِّعاء النبوة ما هو أعظم في الدلالة، وأقرب رشداً من قصَّة أصحاب الكهف، وقد فعل الله ذلك حين آتاهُ من قصص الأنبياء، والإخبار بالغيوب ما هو أعظم من ذلك.
قوله: {وَلَبِثُواْ فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِئَةٍ سِنِينَ وازدادوا تِسْعاً} .
قال قتادة: هذا من كلام القوم؛ لأنَّه تعالى قال: {سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ} [الكهف: 22] إلى أن قال: {وَلَبِثُواْ فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِئَةٍ} أي: إنَّ أولئك الأقوام، قالوا ذلك، ويؤيِّده قوله تعالى بعده {قُلِ الله أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُواْ} وهذا يشبهُ الردَّ على الكلام المذكور قبله.
ويؤيِّده أيضاً ما ورد في مصحف عبد الله: (وقالوا ولبثوا في كهفهم) .
وقال آخرون: هو كلام الله تعالى أخبر عن كميَّة هذه المدَّة.

الصفحة 462