كتاب اللباب في علوم الكتاب (اسم الجزء: 12)

أربعة آلاف دينارٍ، فاشترى الكافر أرضاً بألفٍ، فقال المؤمن: اللَّهم، إنَّ أخي اشترى أرضاً بألف، وإنِّي أشتري منك أرضاً بألف في الجنَّة، فتصدَّق به.
ثم [بنى] أخوه داراً بألف، فقال المؤمن: اللَّهم، إني أشتري منك داراً بألف في الجنَّة، فتصدق به.
ثم تزوج أخوه امرأة بألف، فقال المؤمن: اللَّهم، إني جعلت ألفاً صداقاً للحور العين، وتصدَّق به.
ثم اشترى أخوه خدماً ومتاعاً بألف دينار، فقال المؤمن: اللهم، إنِّي اشتريتُ منك الولدان بألف، فتصدَّق به، ثم أحاجه، أي: أصابه حاجةٌ، فجلس لأخيه على طريقه، فمرَّ به في خدمه وحشمه، فتعرَّض له، فقال: فلانٌ؟! قال: نعم، قال: ما شأنك؟ قال: أصابتني حاجةٌ بعدك، فأتيتك لتصيبني بخير، قال: ما فعل مالك، وقد اقتسمنا المال [سويَّة] ، فأخذت شطره؟ فقصَّ عليه قصَّتهُ، قال: إنَّك لمن المصدِّقين، اذهب، فلا أعطيك شيئاً.
وقيل: نزلتْ في أخوين من أهل مكَّة من بني مخزوم، أحدهما: مؤمنٌ، وهو أبو سلمة عبد الله بن عبد الأسد بن عبد ياليل، وكان زوج أمِّ سلمة قبل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ والآخر كافرٌ، وهو الأسود بن عبد الأسد بن عبد ياليل.
قوله: {رَّجُلَيْنِ} : قد تقدم أنَّ «ضرب» مع المثل، يجوز أن يتعدى لاثنين في سورة البقرة، وقال أبو البقاء: التقدير: مثلاً مثل رجلين، و «جَعلْنَا» تفسير ل «مَثَل» فلا موضع له، ويجوز أن يكون موضعه نصباً نعتاً ل «رَجُليْنِ» كقولك: مررتُ برجلين، جعل لأحدهما جنَّةٌ.
قوله: {وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ} يقال: حفَّ بالشيء: طاف به من جميع جوانبه، قال النابغة: [البسيط]
3523 - يَحُفُّهُ جَانِبَا نِيقٍ وتُتْبِعُهُ ... مِثلُ الزُّجاجةِ لمْ تُكْحَلْ من الرَّمدِ
وحفَّ به القوم: صاروا طائفين بجوانبه وحافَّته، وحففته به، أي: جعلته مطيفاً به.
والحِفاف: الجانبُ، وجمعه أحِفَّةٌ، والمعنى: جعلنا حول الأعناب النَّخْل.
قال الزمخشريُّ: وهذه الصفة ممَّا يؤثرها الدَّهاقين في كرومهم، وهو أن يجعلوها محفوفة بالأشجار المثمرة، وهو أيضاً حسنٌ في [المنظر] .

الصفحة 484