كتاب اللباب في علوم الكتاب (اسم الجزء: 12)

وقرأ عيسى بن عمر «أقلُّ» بالرفع، ويتعيَّن أن يكون «أنا» مبتدأ، و «أقلُّ» خبره، والجملة: إمَّا في موضع المفعول الثاني، أو في موضع الحال على ما تقدَّم في الرؤية.
و «مَالاً وولداً» تمييزٌ، وجواب الشرط قوله «فعَسَى ربِّي» .
قوله: {حُسْبَانًا} : الحسبان مصدر حسب الشيء يحسبه، أي: أحصاهُ، قال الزجاج: «أي عذاب حسبان، أي: حساب ما كسبت يداك» وهو حسن.
فصل في معنى الحسبان
قال الراغب: «قيل: معناه ناراً، وعذاباً، وإنما هو في الحقيقة ما يحاسبُ عليه، فيجازى بحسبه» وهذا موافق لما قاله أبو إسحاق، والزمخشريُّ نحا إليه أيضاً، فقال: «والحُسْبان مصدر؛ كالغفران والبطلان بمعنى الحساب، أي: مقداراً حسبه الله وقدَّره، وهو الحكم بتخريبها» . وهو قول ابن عباس وقيل: جمع حسبانةٍ، وهي السَّهمُ.
وقال ابن قتيبة: مرامي من السَّماء، وهي مثل الصَّاعقة، أي: قطع من النَّار.
قوله: {أَوْ يُصْبِحَ} : عطف على «يُرْسلَ» قال أبو حيَّان: و «أوْ يُصْبِحَ» عطفٌ على قوله: «ويُرْسِلَ» لأن غُؤورَ الماءِ لا يتَسبَّبُ عن الآفةِ السماوية، إلا إن عنى بالحسبان القضاء [الإلهيَّ] ؛ فحينئذ يتسبَّب عنه إصباحُ الجنة صعيداً زلقاً، أو إصباح مائها غوراً.
والزَّلقُ والغَوْرُ في الأصل: مصدران وصف بهما للمبالغة.
والعامة على فتح الغين، غَارَ المَاءُ يَغورُ غَوراً: غَاضَ وذهب ف يالأرض، وقرأ البرجميُّ بضم الغين لغة في المصدر، وقرأت طائفة «غُؤوراً» بضمِّ الغين، والهمزة، وواوٍ ساكنة، وهو مصدر أيضاً، يقال: غار الماء غؤوراً مثل: جلس جلوساً.
فصل في معنى قوله: {فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً}
معنى قوله: {فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً} أرضاً جرداء ملساء لا نبات فيها، وقيل: تزلق فيها الأقدام.
وقال مجاهد: رملاً هائلاً، والصعيد وجه الأرض.
{أَوْ يُصْبِحَ مَآؤُهَا غَوْراً} أي: غائراً منقطعاً ذاهباً لا تناله الأيدي، ولا الدِّلاءُ، والغور: مصدر وقع موقع الاسم، مثل زور وعدل.
قوله: {فَلَن تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَباً} أي: فيصير بحيثُ لا تقدر على ردِّه إلى موضعه.

الصفحة 494