كتاب اللباب في علوم الكتاب (اسم الجزء: 12)

3550 - تَلقَّ ذُبَابَ السَّيفِ عنِّي فإنَّني ... غُلامٌ إذا هو جيتُ لستُ بِشاعرِ
وقيل: بل هو حقيقة، لأنه من الاغتلام وهو الشَّبق، وذلك إنما يكون في الشاب المحتلمِ، والذي يظهرُ أنه حقيقةٌ فيهما عند الاطلاق، فإذا أريد أحدهما، قيد كقوله: «لغُلامَيْنِ يَتيمينِ» وقد تقدَّم ترتيب أسماءِ الآدميِّ من لدن هو جنينٌ إلى أن يصير شيخاً، ولله الحمد، في آل عمران.
قال الزمخشري: «فإن قلت: لم قال:» حتى إذا ركبا في السفينة خرقها «بغير فاءٍ، و» حتَّى إذا لقيا غلاماً، فقتله «بالفاء؟ قلت: جعل» خَرقهَا «جزاء للشرط، وجعل» قتلهُ «من جملة الشرط معطوفاً عليه، والجزاء» قال: أقتلت «فإن قلت: لم خولف بينهما؟ قلت: لأنَّ الخرق لم يتعقَّب الركوب، وقد تعقَّب القتل لقاء الغلام» .
قوله: بغَيْرِ نفسٍ «فيه ثلاثة أوجه:
الأول: أنها متعلقة ب» قَتلْتَ «.
الثاني: أنها متعلقة بمحذوف، على أنها حال من الفاعل، أو من المفعول، أي: قتلته ظالماً، أو مظلوماً، كذا قدَّره أبو البقاء، وهو بعيد جدًّا.
الثالث: أنها صفة لمصدر محذوف، أي: قتلاً بغير نفسٍ.
قوله:» نُكْراً «قرأ نافع، وأبو بكر، وابن ذكوان بضمَّتين، والباقون بضمة وسكون، وهما لغتان، أو أحدهما أصلٌ، و» شَيْئاً «: يجوز أن يراد به المصدر، أي: مجيئاً نكراً، وأن يراد به المفعول به، أي: جئت أمراً منكراً، وهل النكر أبلغ من الإمر، أو بالعكس؟ فقيل: الإمرُ أبلغُ؛ لأنَّ قتل أنفسٍ بسبب الخرقِ اعظم من قتل نفسٍ واحدة وأيضاً: فالإمر هو الداهية العظيمة فهو أبلغ من النكر، وقيل: النُّكر أبلغ، لأن معه القتل الحتم، بخلاف خرق السفينة، فإنه يمكن تداركه؛ ولذلك قال:» ألَمْ أقُلْ لَكَ «ولم يأتِ ب» لَكَ «مع» إمْراً «؛ لأن هذه اللفظة تؤكِّد التَّوبيخ.
وقيل: زاد ذلك، لأنَّه نقض العهد مرَّتين، فقال الخضرُ لموسى - عليهما السلام -: {ألَمْ أقُل لكَ إنَّكَ لنْ تَسْتطيعَ معي صَبْراً} فعند ذلك قال موسى: {إِن سَأَلْتُكَ عَن شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلاَ تُصَاحِبْنِي} وهذا كلام نادمٍ.
قوله:» فَلاَ تُصَاحِبْنِي «: العامة على» تُصاحِبُني «من المفاعلة، وعيسى ويعقوب:» فلا تَصْحبنِّ] «من صحبه يصحبه.

الصفحة 538