كتاب اللباب في علوم الكتاب (اسم الجزء: 12)

وأبو عمرو في رواية، وأبيٌّ بضمِّ التاءِ من فوق، وكسر الحاء، من أصحب يصحب، ومفعوله محذوف، تقديره: فلا تصحبني نفسك، وقرأ أبيٌّ» فلا تصحبني علمك «فأظهر المفعول.
قوله:» مِنْ لدُنِّي «العامة على ضمِّ الدال، وتشديد النون، وذلك أنَّهم أدخلوا نون الزيادة أعني الوقاية على» لَدُن «لتقيها من الكسر؛ محافظة على سكونها، حوفظ على سكون نون» مِنْ «و» عَنْ «فألحقت بهما نون الوقايةِ، فيقولون: منِّي وعنِّي بالتشديد.
ونافع بتخفيف النون، والوجه فيه: أنَّه لم يلحقُ نون الوقاية ل» لَدُن «إلا أن سيبويه منع من ذلك وقال:» لا يجوز أن تأتي ب «لَدُنْ» مع ياء المتكلم، دون نون وقاية «وهذه القراءة حجة عليه، فإن قيل: لم لا يقال: إن هذه النون نون الوقاية، وإنَّما اتصلت ب» لَدُ «لغة في» لَدُنْ «حتى يتوافق قول سيبويه، مع هذه القراءة؟ قيل: لا يصحُّ ذلك من وجهين:
أحدهما: أنَّ نون الوقاية، إنما جيء بها؛ لتقيَ الكلمة الكسر؛ محافظة على سكونها، ودون النون لا سكون؛ لأنَّ الدال مضمومة، فلا حاجة إلى النُّون.
الثاني: أن سيبويه يمنع أن يقال: «لَدُنِي» بالتخفيف.
وقد حذفت النون من «عَنْ» و «مِنْ» في قوله: [الرمل]
3551 - أيُّهَا السَّائلُ عنهم وعنِي ... لستُ من قَيْسٍ ولا قَيْسُ مني
وقرأ أبو بكر بسكون الدَّال، وتخفيف النون، لكنَّه ألزم الدال الضمة منبهة على الأصل.
ولكن تحتمل هذه القراءة أن تكون النون فيها أصليَّة، وأن تكون للوقاية على أنها دخلت على «لد» الساكنة الدال، لغة في «لدُنْ» فالتقى ساكنان، فكسرت نون الوقاية على أصلها، وإذا قلنا بأنَّ النون أصلية، فالسكون تخفيف؛ كتسكين ضاد «عضدٍ» وبابه واختلف القراء في هذا الإشمام، فقائل: هو إشارة بالعضو من غير صوتٍ، كالإشمام الذي في الوقف، وهذا هو المعروف، وقائل: هو إشارة للحركة المدركة بالحسِّ، فهو

الصفحة 539