كتاب اللباب في علوم الكتاب (اسم الجزء: 12)

قوله: {لاَتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً} قرأ ابن كثير، وأبو عمرو «لتخِذْتَ» بفتح التاء، وكسر الخاء مِنْ تَخِذَ يتْخذُ ك «تَعِبَ يَتْعَبُ» . والباقون «لاتَّخذتَ» بهمزة الوصل، وتشديد التاءِ، وفتح الخاء من الاتِّخاذ، واختلف: هل هما من الأخذ، والتاء بدلٌ من الهمزة، ثم تخذف التاء الأولى فيقال: تَخِذَ، كتَقِيَ من «اتَّقَى» نحو قوله: [الطويل]
3557 - ... ... ... ... ... ... تَقِ الله فِينَا والكِتابَ الَّذي تَتْلُو
أم هما من تخذَ، والتاء أصيلةٌ، ووزنهما فعل وافتعل؟ قولان تقدَّم تحقيقهما في هذا الموضوع، والفعل هنا على القراءتين متعدٍّ لواحدٍ؛ لأنَّه بمعنى الكسب.
قوله: {فِرَاقُ بَيْنِي} : العامة على الإضافة؛ اتِّساعاً في الظرف، وقيل: هو بمعنى الوصل. كقوله: [الطويل]
3558 - ... ... ... ... ... ..... وجِلْدَةُ بين العيْنِ والأنْفِ سَالِمُ
وحكى القفال عن بعض أهل العربيَّة أنَّ البين هو الوصل؛ لقوله {لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ} [الأنعام: 94] ، فيكون المعنى هذا فراقُ اتصالنا، كثول القائل: أخزى الله الكاذب بيني وبينك، أي: أحدنا هكذا. قاله الزجاج.
وقرأ ابن أبي عبلة «فِراقُ» بالتنوين على الأصل، وتكرير المضاف إليه عطفاً بالواو هو الذي سوَّغ إضافة «بين» إلى غير متعددٍ؛ ألا ترى أنَّك لو اقتصرت على قولك: «المَالُ بيني» لم يكن كلاماً؛ حتى تقول: بيننا أو بيني وبين فلانٍ.
وقوله: «هذا» أي: هذا الإنكار على ترك الأجر هو المفرَّق بيننا.
وقيل: إنَّ موسى - عليه السلام - لمَّا شرط أنَّه إنْ سأله بعد ذلك سؤالاً ىخر، حصل الفراق بقوله: [ {إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني} فلما ذكر هذا السؤال فارقه ذلك العالم، وقال] : {هذا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ} أي: هذا الفراق [الموعود] ، ثم قال: {سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِع عَّلَيْهِ صَبْراً} .
قرأ ابن وثَّاب «سَانْبِيكَ» بإخلاص الياء بدل الهمزة.
قوله تعالى: {أَمَّا السفينة فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ} : العامة على تخفيف السين، جمع «

الصفحة 544