كتاب اللباب في علوم الكتاب (اسم الجزء: 12)

جبلٌ، ولا أبنيةٌ، تمنع [طلوع] الشمس عليهم؛ لأنَّهم كانوا في مكان لا يستقرُّ عليهم بناءٌ، وكانوا يكونون في أسراب لهم، حتَّى إذا زالت الشمس عنهم، خرجوا إلى معايشهم وحروثهم.
وقال الحسن: كانوا إذا طلعت الشمس، يدخلون الماء، فإذا ارتفعت عنهم، خرجوا فرعوا؛ كأنَّهم بهائمُ.
قال الكلبيُّ: هم قومٌ عراةٌ؛ كسائر الحيوان، يفترشُ أحدهم أذنيه؛ أحدهما تحته، ويلتحفُ بالأخرى.
فصل فيما يروى عن السد
ذكروا في بعض كتب التفسير: أن بعضهم، قال: سافرت، حتَّى جاوزت الصِّين، فسألت عن هؤلاء القوم، فقيل: بينك وبينهم مسيرة يوم وليلةٍ، فبلغتهم، فإذا أحدهم يفترش إحدى أذنبه، ويلبس الأخرى، فلما قرب طلوع الشمس، سمعت صوتاً كهيئة الصَّلصلة، فغُشي عليَّ، ثم أفقتُ، فلمَّا طلعت الشمس؛ إذ هي فوق الماءِ؛ كهيئة الزيت، فأدخلونا سرباً لهم، فلما ارتفع النَّهار، جعلوا يصطادون السَّمك فيطرحونه في الشمس؛ فينضج.
قوله: {مَطْلِعَ الشمس} .
العامَّة على كسر اللام من «مَطْلِع» والمضارعُ «يَطلُع» بالضم، فكان القياس فتح اللام في المفعل مطلقاً، ولكنَّها مع أخواتٍ لها سمع فيها الكسر، وقياسها الفتح، وقد قرأ به الحسن، وعيسى، وابن محيصن، ورويت عن ابن كثيرٍ، وأهل مكة، قال الكسائي: «هذه اللغة قد ماتت» يعني: أي: بكسر اللام من المضارع، والمفعل، وهذا يشعرُ أنَّ من العرب من كان يقول: طَلَع يَطلِعُ، بالكسر في المضارع.
قوله: {كَذَلِكَ} : الكاف: إمَّا مرفوعة المحلِّ، أي: الأمر كذلك، أو منصوبته، أي: فعلنا مثل ذلك.
ومعنى الكلام: كذلك فعل ذو القرنينِ، أتبع هذه الأسباب، حتى بلغ، وقد علمنا حين ملَّكناه ما عنده من الصلاحية لذلك الملك.
وقيل: كذلك جعل الله أمر هؤلاء القوم على ما قد أعلم رسول الله - عليه السلام - في هذا الذِّكر.
وقيل: كذلك كانت حاأهل المطلع؛ كما كانت حاله مع أهل المغرب، قضى

الصفحة 560