كتاب اللباب في علوم الكتاب (اسم الجزء: 12)

قوله: {وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ} الآية.
قيل: هذا عند فتح السَّد، وتركنا يأجوج ومأجوج يموجُ بعضهم في بعضٍ، أي: يزدحمون كموج الماء، ويختلط بعضهم في بعضٍ؛ لكثرتهم.
وقيل: هذا عند قيام السَّاعة يدخل الخلق بعضهم في بعض، ويختلط إنسيُّهم بِجنِّيِّهِمْ حَيَارَى.
قوله: «يَوْمئِذٍ» التنوين عوضٌ من جملةٍ محذوفة، تقديرها: يوم إذ جاء وعدُ ربِّي، أو إذ حجز السدُّ بينهم.
قوله: {يَمُوجُ} : مفعول ثانٍ ل «تَركْنَا» والضمير في «بَعْضهُمْ» يعود على «يَأجُوج ومأجُوج» أو على سائر الخلق.
قوله: {وَنُفِخَ فِي الصور} . لأن خروج يأجوج ومأجوج من علامات قرب السَّاعة، وتقدَّم الكلام في الصور، {فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعاً} في صعيدٍ واحدٍ.
«وعَرضْنَا» : أبْرَزْنَا.
{جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِّلْكَافِرِينَ عَرْضاً} حتَّى يشاهدوها عياناً.
قوله: {الذين كَانَتْ} : يجوز أن يكون مجروراً بدلاً من «لِلْكافِرينَ» أو بياناً، أو نعتاً، وأن يكون منصوباً بإضمار «أذمُّ» وأن يكون مرفوعاً خبر ابتداءٍ مضمرٍ.
ومعنى {كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَآءٍ} : أي: [غشاءٍ، والغطاء: ما يغطِّي الشيء ويسترهُ {عَن ذِكْرِي} : عن الإيمان والقرآن، والمراد منه: شدَّة انصرافهم عن قَبُول الحقِّ، وعن الهدى والبيان، وقيل: عن رؤية الدلائل: {وَكَانُواْ لاَ يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً} .
أي: سمع الصَّوت، أي: القبول والإيمان؛ لغلبةِ الشَّقاء عليهم.
وقيل: لا يعقلون، وهذا قوله: {فَعَمُواْ وَصَمُّواْ} [المائدة: 71] .
أما العمى، فهو قوله: {كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَآءٍ عَن ذِكْرِي} وأما الصّمم فقوله: {لاَ يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً} .
أي: لا يقدرون [أن يَسْمَعُوا] من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ما يتلوه عليهم؛ لشدَّة عداوتهم له.
قوله تعالى: {أَفَحَسِبَ الذين كفروا} الآية.
لما بيَّن إعراض الكافرين عن الذِّكر، وعن سماع ما جاء به رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أتبعه بقوله: {أَفَحَسِبَ الذين كفروا}

الصفحة 570