كتاب اللباب في علوم الكتاب (اسم الجزء: 12)

وقيل: الفردوس: الجنَّة من الكرم خاصَّة.
وقيل: ما كان عاليها كرماً.
وقيل: كلُّ ما حُوِّط عليه، فهو فردوس.
وقال المبرِّد: الفردوس فيما سمعتُ من العرب: الشَّجرُ الملتفُّ، والأغلب عليه: أن يكون من العنب، واختلفوا فيه:
فقيل: هو عربيٌّ، وقيل: هو أعجميٌّ، وقيل: هو روميٌّ، أو فارسيٌّ، أو سرياني، قيل: ولم يسمعْ في كلام العرب إلاَّ في قوله حسَّان: [الطويل]
3572 - وإنَّ ثَوابَ الله كُلَّ مُوحِّدٍ ... جِنَانٌ من الفِرْدوس فيهَا يُخُلَّدُ
وهذا ليس بصحيح؛ لأنَّه سمع في شعر أميَّة بن أبي الصَّلت: [البسيط]
3573 - كَانَتْ مَنازِلهُمْ إذ ذَاكَ ظَاهِرةً ... فيهَا الفَراديسُ ثمَّ الثُّومُ والبَصَلُ
ويقال: كرمٌ مفردسٌ، أي: معرِّش، ولهذا سمِّيت الروضة التي دون اليمامةِ فردوساً.
وإضافة جنَّاتٍ إلى الفردوس إضافة تبيينٍ، وجمعه فراديسُ؛ قال - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ -: «في الجنَّة مائةُ درجةٍ ما بَيْنَ كلِّ درجةٍ مسيرةُ مائة عام، والفِردوسُ أعلاها درجةً، وفيها الأنهارُ الأربعة، والفِرْدَوسُ من فَوْقِهَا، فإذا سَألتمُ الله تعالى، فاسْألُوهُ الفِرْدوسَ؛ فإنَّ فوقها عَرْشُ الرَّحمنِ، ومِنْهَا تُفجَّرُ أنهارُ الجنَّة» .
قوله: «نُزُلاً» : فيه ما تقدَّم: من كونه اسم مكان النزول، أو ما يعدُّ للضَّيف، وفي نصبه وجهان:
أحدهما: أنه خبر «كَانَتْ» و «لهُمْ» متعلقٌ بمحذوفٍ على أنَّه حالق من «نُزلاً» أو على البيان، أو ب «كَانَتْ» عند من يرى ذلك.
والثاني: أنه حالٌ من «جنَّات» أي: ذوات نُزُلٍ، والخبر الجارُّ.
وإذا قلنا بأنَّ النُّزل هو ما يهيَّأ للنَّازل، فالمعنى: كانت لهم ثمارٌ جنَّات الفردوس، ونعيمها نزلاً، ومعنى «كَانتْ لَهُمْ» أي: في علم الله قبل أن يخلقوا.

الصفحة 576