كتاب اللباب في علوم الكتاب (اسم الجزء: 12)

قوله: {مِن شَيْءٍ} هذا بيان ل «مَا» في قوله: {مَا خَلَقَ الله} فإنها موصولة بمعنى الذي.
فإن قيل: كيف يبين الموصول وهو مبهم ب «شيء» وهو مبهم؛ بل أبهم ممَّا قبله؟ .
فالجواب: أن شيئاً قد اتضح، وظهر بوصفه بالجملة بعده؛ وهي: «يَتفيَّؤ ظِلالهُ» .
قال الزمخشري: و «مَا» موصولة ب «خَلقَ الله» وهو مبهمٌ؛ بيانه في قوله {مِن شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلاَلُهُ} .
وقال ابن عطية: «مِنْ شيءٍ» لفظ عامٌّ في كل ما اقتضته الصفة من قوله: «يتَفيَّؤُ ظِلالهُ» .
قال الزمخشري: و «مَا» موصولة ب «خَلقَ الله» وهو مبهمٌ؛ بيانه في قوله {مِن شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلاَلُهُ} .
وقال ابن عطية: «مِنْ شيءٍ» لفظ عامٌّ في كل ما اقتضته الصفة من قوله: «يتَفيَّؤُ ظِلالهُ» .
فظاهر هاتين العبارتين: أن جملة «يَتَفيَّؤ ظِلالهُ» صفة ل «شَيءٍ» فأما غيرهما؛ فإنه قد صرح بعدم كون الجملة صفة؛ فإنه قال: والمعنى: من كل شيءٍ له ظلٌّ من جبل، وشجر، وبناء، وجسم قائم، وقوله «يَتفيَّؤُ ظِلالهُ» إخبار من قوله «مِنْ شَيءٍ» ليس بوصف له، وهذا الإخبار يدلُّ على ذلك الوصف المحذوف الذي تقديره: هو له ظل. وفيه تكلف لا حاجة إليه، والصفة أبين و «مِنْ شيءٍ» في محل نصبٍ على الحالِ من الموصول، أو متعلق بمحذوف على جهة البيان؛ أعني: من شيء.
والتَّفَيُّؤ: تَفعُّلٌ من فَاءَ يَفِيءُ، أي: رَجَعَ، و «فاء» : قاصر فإذا أريد تعديته عدِّي بالهمزة كقوله {مَّآ أَفَآءَ الله على رَسُولِهِ} [الحشر: 7] أو بالتضعيف نحو: فَيَّأ الله الظِّلَ فتَفيَّأ، وتَفيَّأ: مطاوع فَيَأ، فهو لازم، ووقع في شعر أبي تمَّامٍ متعدِّياً في قوله: [الكامل]
3312 - ... ... ... ... ... ... ... ... ... وتَفَيَّأتْ ظِلاَلَهَا مَمْدُودَا
واختلف في الفيء، فقيل: هو مطلق الظل، سواء كان قبل الزوالِ، أو بعده، وهو الموافق لمعنى الآية ههنا.
وقيل: ما كان قبل الزوال فهو ظلٌّ فقط، وما كان بعده فهو ظل وفيءٌ، فالظل أعم. يروى ذلك عن رؤبة بن العجَّاج، وأنكر بعضهم ذلك، وأنشد أبو [زيد] للنَّابغة الجعدي: [الخفيف]
3313 - فَسلامُ الإلهِ يَغْدُو عَليْهِمْ ... وفُيُوءُ الفِرْدَوْسِ ذَاتِ الظِّلالِ

الصفحة 67