كتاب المحلى بالآثار (اسم الجزء: 12)

فَنَظَرْنَا فِيهِ فَوَجَدْنَاهُ قَدْ جَاءَ مِنْ طُرُقٍ لَيْسَ فِيهَا عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - نَصٌّ، وَلَا كَلِمَةٌ، إنَّمَا هِيَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابٍ مِنْ طُرُقٍ كُلِّهَا لَا خَيْرَ فِيهَا: كَمَا نا حُمَامٌ نا ابْنُ مُفَرِّجٍ نا ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ نا الدَّبَرِيُّ نا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ: ادْرَءُوا الْحُدُودَ مَا اسْتَطَعْتُمْ
وَبِهِ - إلَى سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: ادْرَءُوا الْحُدُودَ مَا اسْتَطَعْتُمْ
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ادْفَعُوا الْحُدُودَ مَا وَجَدْتُمْ مَدْفَعًا
عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: ادْفَعُوا الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ
وَعَنْ عَائِشَةَ ادْرَءُوا الْحُدُودَ عَنْ الْمُسْلِمِينَ مَا اسْتَطَعْتُمْ
وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَابْنِ مَسْعُودٍ كَانَا يَقُولَانِ: ادْرَءُوا عَنْ عِبَادِ اللَّهِ الْحُدُودَ فِيمَا شُبِّهَ عَلَيْكُمْ
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَهِيَ كُلُّهَا لَا شَيْءَ: أَمَّا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ فَمُرْسَلٌ، وَاَلَّذِي مِنْ طَرِيقِ عُمَرَ كَذَلِكَ، لِأَنَّهُ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ عُمَرَ وَلَمْ يُولَدْ إبْرَاهِيمُ إلَّا بَعْدَ مَوْتِ عُمَرَ بِنَحْوِ خَمْسَةَ عَشَرَ عَامًا
وَالْآخَرُ الَّذِي عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ مُرْسَلٌ، لِأَنَّهُ مِنْ طَرِيقِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ
وَأَمَّا أَحَادِيثُ ابْنِ حَبِيبٍ فَفَضِيحَةٌ، لَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا غَيْرُهُ لَكَفَى فَكُلُّهَا مُرْسَلَةٌ
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: فَحَصَلَ مِمَّا ذَكَرْنَا أَنَّ اللَّفْظَ الَّذِي تَعَلَّقُوا بِهِ لَا نَعْلَمُهُ رُوِيَ عَنْ أَحَدٍ أَصْلًا، وَهُوَ " ادْرَءُوا الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ " لَا عَنْ صَاحِبٍ، وَلَا عَنْ تَابِعٍ إلَّا الرِّوَايَةُ السَّاقِطَةُ الَّتِي أَوْرَدْنَا مِنْ طَرِيقِ إبْرَاهِيمَ بْنِ الْفَضْلِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَإِبْرَاهِيمَ سَاقِطٌ
وَإِنَّمَا جَاءَ كَمَا تَرَى عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ مِمَّا لَمْ يَصِحَّ " ادْرَءُوا الْحُدُودَ مَا اسْتَطَعْتُمْ " وَهَذَا لَفْظٌ إنْ اُسْتُعْمِلَ أَدَّى إلَى إبْطَالِ الْحُدُودِ جُمْلَةً عَلَى كُلِّ حَالٍ - وَهَذَا

الصفحة 59