كتاب المحلى بالآثار (اسم الجزء: 12)

دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ وَأَبْشَارَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ» وَأَمَّا إذَا تَبَيَّنَ وُجُوبُ الْحَدِّ فَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يُسْقِطَهُ، لِأَنَّهُ فَرْضٌ مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: مَا نَعْلَمُ أَحَدًا أَشَدَّ جَسْرًا عَلَى إقَامَةِ الْحَدِّ بِالشُّبُهَاتِ وَحَيْثُ لَا تَجِبُ إقَامَتُهَا مِنْهُمْ، ثُمَّ يُسْقِطُونَهَا حَيْثُ أَوْجَبَهَا اللَّهُ تَعَالَى وَرَسُولُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَنَحْنُ ذَاكِرُونَ مِنْ ذَلِكَ طَرَفًا كَافِيًا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، فَأَوَّلُ ذَلِكَ النَّفْسِ الَّتِي عَظَّمَ اللَّهُ تَعَالَى أَمْرَهَا وَحَرَّمَ قَتْلَهَا إلَّا بِالْحَقِّ
فَأَمَّا الْمَالِكِيُّونَ - فَقَتَلُوا النَّفْسَ الْمُحَرَّمَةَ بِدَعْوَى مَنْ لَعَلَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُشْفِيَ نَفْسَهُ مِنْ عَدُوِّهِ مَعَ أَيْمَانِ رَجُلَيْنِ مِنْ عَشِيرَتِهِ وَإِنْ كَانَا أَفْسَقَ الْبَرِيَّةِ، وَهُمْ لَا يُعْطُونَهُ بِدَعْوَاهُ نَوَاةً مَعْفُونَةً، وَلَوْ حَلَفُوا مَعَ دَعْوَاهُ أَلْفَ يَمِينٍ وَكَانُوا أَصْلَحَ الْبَرِيَّةِ، هَذَا سَفْكُ الدَّمِ الْمُحَرَّمِ بِالشُّبْهَةِ الْفَاسِدَةِ الَّتِي لَا شُبْهَةَ أَبْرَدُ مِنْهَا
وَيَقْتُلُونَ بِشَهَادَةِ اللَّوْثِ غَيْرِ الْعَدْلِ وَالْقَسَامَةِ، وَلَا يُعْطَوْنَ بِشَهَادَتِهِمْ فَلْسَيْنِ، وَيَقْتُلُونَ الْآبِي عَنْ الصَّلَاةِ إنْ أَقَرَّ بِهَا، وَأَنَّهَا فَرْضٌ، وَيَقْتُلُونَ الْمُمْسِكَ آخَرَ حَتَّى قُتِلَ، وَلَا يَحُدُّونَ الْمُمْسِكَ امْرَأَةً حَتَّى يُزْنَى بِهَا، وَيَقْتُلُونَ السَّاحِرَ دُونَ اسْتِتَابَةٍ، وَإِنَّمَا هِيَ حِيَلٌ، وَكَبِيرَةٌ كَالزِّنَى، وَلَا يَقْتُلُونَ آكِلَ الرِّبَا، وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى فِيهِ أَشَدُّ مِنْ قَوْلِهِ فِي السَّاحِرِ، وَيَقْتُلُونَ الْمُسْتَتِرَ بِالْكُفْرِ - وَلَا يَدْرَءُونَ عَنْهُ بِإِعْلَانِهِ التَّوْبَةَ، وَلَا يَقْتُلُونَ الْمُعْلِنَ بِالْكُفْرِ إذَا أَظْهَرَ التَّوْبَةَ، وَلَا فَرْقَ، وَيَقْتُلُونَ الْمُسْلِمَ بِالْكَافِرِ إذَا قَتَلَهُ غِيلَةً، وَلَا يُجِيزُونَ فِي ذَلِكَ عَفْوَ الْوَلِيِّ - وَهَذَا خِلَافُ الْقُرْآنِ، وَالسُّنَّةِ، وَإِقَامَةِ الْحُدُودِ بِالشُّبْهَةِ الْفَاسِدَةِ، وَيَجْلِدُونَ الْقَاتِلَ الْمَعْفُوَّ عَنْهُ مِائَةَ جَلْدَةٍ، وَيَنْفُونَهُ سَنَةً
وَأَمَّا الْحَنَفِيُّونَ - فَيَقْتُلُونَ الْمُسْلِمَ بِالْكَافِرِ خِلَافًا عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَعَلَى رَسُولِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَمُحَافَظَةً لِأَهْلِ الْكُفْرِ، وَلَا يَقْتُلُونَ الْكَافِرَ إذَا سَبَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - بِحَضْرَةِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ فِي أَسْوَاقِهِمْ وَمَسَاجِدِهِمْ، وَلَا يَقْتُلُونَ مِنْ أَهْلِ الْكُفْرِ مَنْ سَبَّ اللَّهَ تَعَالَى جِهَارًا بِحَضْرَةِ الْمُسْلِمِينَ - وَهَذِهِ أُمُورٌ نَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْهَا - وَيَقْتُلُونَ الذِّمِّيَّ الَّذِي قَدْ حَرُمَ دَمُهُ إلَّا بِالْحَقِّ بِشَهَادَةِ كَافِرَيْنِ
وَأَمَّا الزِّنَى: فَإِنَّ الْمَالِكِيِّينَ - يَحُدُّونَ بِالْحَبَلِ وَلَعَلَّهُ مِنْ إكْرَاهٍ - وَيَرْجُمُونَ

الصفحة 61