كتاب المحلى بالآثار (اسم الجزء: 12)

وَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ»
وَإِنْ قَالُوا: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} [البقرة: 256] قُلْنَا: نَعَمْ، مَا نُكْرِهُهُمْ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَلَا عَلَى الصَّلَاةِ، وَلَا عَلَى الزَّكَاةِ، وَلَا عَلَى الصِّيَامِ، وَلَا الْحَجِّ، لَكِنْ مَتَى كَانَ لَهُمْ حُكْمٌ حَكَمْنَا فِيهِ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ} [المائدة: 49]
وَقَالَ تَعَالَى {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} [المائدة: 50] ؟ فَافْتَرَضَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنْ لَا تَتَّبِعَ أَهْوَاءَهُمْ، فَمَنْ تَرَكَهُمْ وَأَحْكَامَهُمْ: فَقَدْ اتَّبَعَ أَهْوَاءَهُمْ، وَخَالَفَ أَمْرَ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْقُرْآنِ

[مَسْأَلَة حَدُّ الْمَمَالِيكِ]
2188 - مَسْأَلَةٌ: حَدُّ الْمَمَالِيكِ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: الْحُدُودُ كُلُّهَا أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ لَا خَامِسَ لَهَا: إمَّا إمَاتَةٌ بِصَلْبٍ، أَوْ بِقَتْلٍ بِسَيْفٍ، أَوْ بِرَجْمٍ بِالْحِجَارَةِ، وَمَا جَرَى مَجْرَاهَا - وَإِمَّا نَفْيٌ - وَإِمَّا قَطْعٌ - وَإِمَّا جَلْدٌ
وَجَاءَ النَّصُّ وَإِجْمَاعُ الْأَمَةِ كُلِّهَا عَلَى أَنَّ حَدَّ الْمَمْلُوكَةِ الْأُنْثَى فِي بَعْضِ وُجُوهِ الْجَلْدِ - وَهُوَ الزِّنَى مَعَ الْإِحْصَانِ خَاصَّةً -: نِصْفُ حَدِّ الْحُرِّ وَالْحُرَّةِ فِي ذَلِكَ
وَاتَّفَقُوا كُلُّهُمْ مَعَ النَّصِّ: أَنَّ حَدَّ الْمَمَالِيكِ فِي الْقَتْلِ وَالصَّلْبِ كَحَدِّ الْأَحْرَارِ - وَجَاءَ النَّصُّ أَيْضًا فِي النَّفْيِ الَّذِي لَيْسَ لَهُ أَمْرٌ سِوَاهُ
وَاخْتَلَفُوا فِيمَا عَدَا ذَلِكَ عَلَى مَا نَذْكُرُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى: فَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ إلَى أَنَّ حَدَّ الْإِمَاءِ، وَالْعَبِيدِ - فِيمَا عَدَا مَا ذَكَرْنَا، وَلَا نُحَاشَ شَيْئًا - كَحَدِّ الْأَحْرَارِ سَوَاءً سَوَاءً، وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِنَا
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: حَدُّ الْعَبِيدِ، وَالْإِمَاءِ - فِي الْجَلْدِ كُلِّهِ - عَلَى النِّصْفِ مِنْ حَدِّ الْأَحْرَارِ وَالْحَرَائِرِ - وَحَدُّ الْعَبِيدِ، وَالْإِمَاءِ فِي الْقَطْعِ كَحَدِّ الْأَحْرَارِ وَالْحَرَائِرِ - فَاخْتَلَفَ

الصفحة 68