كتاب تاريخ بغداد وذيوله ط العلمية (اسم الجزء: 12)

قَالَ: إذا رفعت أبا نعيم من الحديث فليس بشيء. قَالَ أَبُو يوسف يعقوب: أجمع أصحابنا أن أبا نعيم كان غاية في الإتقان والحفظ وأنه حجة.
أخبرنا البرقاني، أَخْبَرَنَا الْحُسَيْن بْن عَلِيّ التميمي، حَدَّثَنَا أَبُو عوانة يَعْقُوب بْن إِسْحَاق الإسفراييني، حَدَّثَنَا أَبُو بكر المروذي قال: قال عبد اللَّه: يحيى وعبد الرحمن، وأبو نعيم الحجة الثبت، وكان أَبُو نعيم ثبتا.
قرأتُ عَلَى عَليّ بْن أبي عَليّ الْبَصْرِيّ عَنْ علي بْن الحسن الجراحي، حدّثنا أحمد ابن مُحَمَّد بْن الجراح أَبُو عبد اللَّه قَالَ: سمعتُ أَحْمَد بْن منصور الرمادي يَقُولُ:
خرجت مع أَحْمَد بْن حنبل ويحيى بْن معين إلى عبد الرَّزَّاق، خادما لهما فلما عدنا إلى الكوفة قَالَ يحيى بْن معين لأحمد بْن حنبل: أريد أختبر أبا نعيم. فقال له أحمد ابن حنبل: لا تريد الرجل ثقة. فقال يحيى بْن معين لا بد لي، فأخذ ورقة فكتب فيها ثلاثين حديثا من حديث أبي نعيم، وجعل على رأس كل عشرة منها حديثا ليس من حديثه، ثم جاءا إلى أبي نعيم فدقا عليه الباب فخرج، فجلس على دكان حذاء بابه، وأخذ أحمد بن حنبل فأجلسه عَنْ يمينه وأخذ يحيى بْن معين فأجلسه عَنْ يساره، ثم جلست أسفل الدكان فأخرج يحيى بْن معين الطبق فقرأ عليه عشرة أحاديث، وأبو نعيم ساكت، ثم قرأ الحادي عشر فقال له أَبُو نعيم: ليس من حديثي فاضرب عليه، ثم قرأ العشر الثاني وأبو نعيم ساكت، فقرأ الحديث الثاني، فقال أَبُو نعيم: ليس من حديثي فاضرب عليه، ثم قرأ العشر الثالث وقرأ الحديث الثالث، فتغير أَبُو نعيم وانقلبت عيناه، ثم أقبل على يحيى بْن معين فقال له: أما هذا- وذراع أَحْمَد في يده- فأورع من أن يعمل مثل هذا، وأما هذا- يريدني- فأقل من أن يفعل مثل هذا، ولكن هذا من فعلك يا فاعل، ثم أخرج رجله فرفس يحيى بْن معين، فرمى به من الدكان، وقام فدخل داره. فقال أَحْمَد ليحيى: ألم أمنعك من الرجل وأقل لك إنه ثبت، قال والله لرفسته لي أحب إلي من سفري.
كتب إِلَى عَبْد الرَّحْمَنِ بن عُثْمَان الدمشقي يَذْكُرُ أَنَّ أَبَا الْمَيْمُونِ عَبْد الرَّحْمَنِ بْن عَبْدِ اللَّهِ بْن راشد البجلي أخبرهم قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو زُرْعَةَ عَبْد الرَّحْمَن بْن عَمْرٍو النَّصْري قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْن معين يَقُولُ: ما رأيت أثبت من رجلين، من أبي نعيم، وعفان. قَالَ أَبُو زرعة: وَقَالَ لي أَحْمَد بْن صالح: ما رأيت محدّثًا أصدق من أبي نعيم.

الصفحة 349