كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب (اسم الجزء: 12)

صغار، وتخيّط، وتحمل من التّبّت إلى خراسان. قال: وقال أحمد بن أبى يعقوب مولى بنى العبّاس: ذكر لى جماعة من العلماء بمعدن المسك أنّ معادنه بأرض (التّبّت) وغيرها معروفة، قد ابتنى الجلّابون فيها بناء يشبه المنار فى طول عظم الذّراع، فتأتى هذه البهيمة الّتى من «1» سررها يتكوّن المسك فتحكّ سررها بتلك المنار، فتسقط السّرر هنالك، فيأتى إليه الجلّابون فى وقت من السنة قد عرفوه، فيلتقطون ذلك مباحا لهم، فإذا وردوا به إلى (التّبّت) عشّر «2» عليهم.
وقال قوم: إنّ «3» هذه الدابّة خلقها الله تعالى معدنا للمسك، فهى تثمره فى كلّ سنة وهو فضل دموىّ يجتمع من جسمها إلى سررها فى كلّ عام فى وقت معلوم، بمنزلة الموادّ التى تنصبّ إلى الأعضاء؛ فإذا حصل فى سررها ورم وعظم، مرضت له وتألّمت حتّى يتكامل؛ فإذا بلغ وتناهى حكّته بأظلافها «4» ، فيسقط فى تلك المفاوز والبرارىّ، فيخرج اليه الجلّابون فيأخذونه. قال: وهذا أصّح ما قيل فى باب المسك. قال: ويشهد بصحّة ذلك ويوافقه ما حكاه محمد بن العبّاس المسكىّ فى كتابه: أنّ تجار المسك من أهل الصّغد «5» يذكرون أنّ المسك سرّة دابّة

الصفحة 4