كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 12)

ولا تلك الروضة، فصح أن قوله: "من الجنة" إنما هو لفضلها، وأن الصلاة فيها تؤدي إلى الجنة، وأن تلك الأنهار لبركتها أضيفت إلى الجنة كما تقول في اليوم الطيب: هذا من أيام الجنة. وكما قيل في
الضأن: إنها من دواب الجنة.
قلت: قد أخرجه ابن ماجه من طريق ابن عمر، والبزار من طريق جابر: "أحنوا إلى المعز فإنها من دواب الجنة" (¬1) ومن طريق أم هانئ في "الأوسط" نحوه، وكما قال - صلى الله عليه وسلم -: "الجنة تحت ظلال السيوف" (¬2) فهذا في أرض الكفر بلا شك، وليس في هذا فضل لها على مكة، ثم لو صح
ما ادعوه لما كان الفضل إلا لتلك الروضة خاصة لا لسائر المدينة (¬3)،
¬__________
(¬1) رواه ابن ماجه (2306) كتاب: التجارات، باب: اتخاذ الماشية، من حديث ابن عمر مرفوعًا: "الشاة من دواب الجنة"، وقال البوصيري في "الزوائد" ص 315 (766): هذا إسناد فيه زربي بن عبد الله بن يحيى الأزدي، وهو متفق على ضعفه، ورواه ابن الجوزي في "العلل المتناهية" 2/ 174 (1102) وقال: هذا حديث لا يصح، قال ابن حبان: زربي يروي ما لا أصل له.
وروى نحوه من حديث أبي هريرة مرفوعًا، مالك في "الموطأ" ص 580، وأحمد 2/ 436، والبخاري في "الأدب المفرد" (572)، والبزار كما في "كشف الأستار" (444)، والطبراني في "الأوسط" 5/ 291 (5346)، والبيهقي 2/ 449 - 450 كتاب: الصلاة. وقال الهيثمي في "المجمع" 2/ 27: رواه البزار وفيه عبد الله بن جعفر بن نجيح وهو ضعيف، وقال أحمد بن عدي: يكتب حديثه ولا يحتج به. والحديث صححه الألباني في "الصحيحة" (1128).
(¬2) سيأتي برقم (2818) كتاب: الجهاد والسير، باب: الجنة تحت بارقة السيوف، ورواه مسلم (1742) كتاب: الجهاد والسير، باب: كراهية تمني لقاء العدو. من حديث عبد الله بن أبي أوفى.
(¬3) ورد بهامش الأصل: تنبيه: أفضل الأرض إذ فيها سيد الأولين والآخرين وقد صحح الحاكم من حديث أبي سعيد "إن المرء يدفن في التربة التي خلق منها" والأصل أن تربته أفضل الترب.

الصفحة 529