وفيه: تأويل ثالث وهو: "إلا المسجد الحرام" فإن الصلاة فيهما سواء، فلا يجوز المصير إلى أحد هذِه التأويلات دون الآخر إلا بنص آخر.
وبقوله: "لا يدخلها الطاعون" (¬1) وليس فيه تفضيل عليها؛ لأنه أخبر أن مكة لا يدخلها الدجال أيضًا (¬2) -قلت: الكلام في الطاعون، مع أنه ورد بإسناد ضعيف أنها لا يدخلها طاعون أيضًا (¬3) - وبقوله: "هي طيبة" (¬4) وما لهم خبر صحيح سوى ما ذكر، وكلها لا حجة في شيء منها على ما بينا.
واحتجوا بالخبر الصحيح أن عمر قال لعبد الله بن عياش بن أبي ربيعة: أنت القائل: لمكة خير من المدينة؟ فقال له عبد الله: هي حرم الله وأمنه، وفيها بيته، فقال له عمر: لا أقول في حرم الله ولا بيته شيئًا (¬5).
¬__________
(¬1) حديث يأتي برقم (1880) كتاب: فضائل المدينة، باب: لا يدخل الدجال المدينة، ورواه مسلم (1379) كتاب: الحج، باب: صيانة المدينة من دخول الطاعون والدجال إليها.
(¬2) يأتي أيضًا برقم (1881)، ورواه مسلم (2943) كتاب: الفتن، باب: قصة الجساسة، من حديث أنس.
(¬3) رواه أحمد 2/ 483 من حديث أبي هريرة مرفوعًا: "المدينة ومكة محفوفتان بالملائكة، على كل نقب منها ملك، لا يدخلها الدجال ولا الطاعون". قال الهيثمي في "المجمع" 3/ 309: رجاله ثقات. وأخرجه أيضًا ابن شبة في "تاريخ مكة" كما في "الفتح" 10/ 191، وقال: رجاله رجال الصحيح وذكره ابن كثير في كتاب "الفتن والملاحم" ص 89 من طريق أحمد، وقال: هذا غريب جدًّا، وذكر مكة في هذا ليس بمحفوظ.
(¬4) قطعة من حديث سيأتي برقم (4050) كتاب: المغازي، باب: غزوة أحد، ورواه مسلم (1384) كتاب: الحج، باب: المدينة تنفي شرارها، من حديث زيد بن ثابت.
(¬5) رواه مالك ص 557، والفاكهي وفي "أخبار مكة" 2/ 262.