كتاب الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة (اسم الجزء: 12)

وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ (٥٩) وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا إِنَّ عَادًا كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلَا بُعْدًا لِعَادٍ قَوْمِ هُودٍ (٦٠)} [هود:٥٨ - ٦٠]. وكقوله: {فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ بِالْحَقِّ فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاءً فَبُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [المؤمنون: ٤١]. وقال تعالى: {فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (١٣٩) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (١٤٠)} [الشعراء:١٣٩ - ١٤٠].
وأما تفصيل إهلاكهم، فكما قال تعالى: {فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ} [الأحقاف:٢٤]. كان هذا أول ما ابتدأهم العذاب؛ أنهم كانوا مُمحلين مُسنتين (¬١)، فطلبوا السُّقيا، فرأوا عارضًا في السماء وظنوه سُقيا رحمة، فإذا هو سُقيا عذاب؛ ولهذا قال تعالى: {بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ} [الأحقاف: ٢٤] أي من وُقوع العذاب، وهو قولهم: {فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٢٢)} [الأحقاف: ٢٢].
وقد ثبت في الصحيحين من حديث شُعبة عن الحكم عن مجاهد عن ابن عباس - رضي الله عنهما - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «نُصِرْتُ بِالصَّبَا، وَأُهْلِكَتْ عَادٌ بِالدَّبُورِ» (¬٢). وأما قوله تعالى: {وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا
---------------
(¬١). أي أصابهم الجدب والقحط.
(¬٢). البخاري برقم ١٠٣٥، ومسلم برقم ٩٠٠.

الصفحة 18