كتاب الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة (اسم الجزء: 12)

وتحرك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الخميس نحو الشمال يريد تبوك، ولكن الجيش كان كبيرًا ثلاثين ألف مقاتل، ولم يخرج المسلمون في مثل هذا الجمع الكبير قبله قط، فلم يستطع المسلمون مع ما بذلوه من الأموال أن يجهزوه تجهيزًا كاملًا، بل كانت في الجيش قلة شديدة بالنسبة إلى الزاد والمركب، فكان ثمانية عشر رجلًا يعتقبون بعيرًا واحدًا، وربما أكلوا أوراق الشجر حتى تورمت شفاههم، واضطروا إلى ذبح الإبل مع قلتها ليشربوا ما في كرشه من الماء، ولذلك سمي هذا الجيش جيش العسرة، ومر الجيش الإسلامي في طريقه إلى تبوك بالحجر ديار ثمود الذين جابوا الصخر بالواد، أي وادي القرى.
روى البخاري ومسلم من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما نزل الحجر في غزوة تبوك أمرهم أن لا يشربوا من بئرها ولا يستقوا منها، فقالوا: قد عجنا منها واستقينا، فأمرهم أن يطرحوا ذلك العجين ويهريقوا ذلك الماء (¬١)، وفي رواية: وأن يعلفوا الإبل العجين، وأمرهم أن يستقوا من البئر التي كانت تردها الناقة (¬٢).
وفي الصحيحين من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما
---------------
(¬١) صحيح البخاري برقم (٣٣٧٨)، وصحيح مسلم برقم (٢٩٨١).
(¬٢) صحيح البخاري برقم (٣٣٧٩)، وصحيح مسلم برقم (٢٩٨١).

الصفحة 533