كتاب الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة (اسم الجزء: 12)

وأخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصحابه أنه ستهب عليهم وهم في تبوك ريح شديدة، فقد روى الشيخان من حديث أبي حميد الساعدي - رضي الله عنه - قال: غزونا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - غزوة تبوك فلما أتينا تبوكًا قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أَمَا إنَّهَا سَتَهُبُّ اللَّيْلَةَ رِيحٌ شَدِيدَةٌ، فَلَا يَقُومَنَّ أَحَدٌ، ومَنْ كَانَ مَعَهُ بَعِيرٌ فَلْيَعْقِلْهُ». فَعَقَلْنَاهَا، وهَبَّتْ رِيحٌ شَدِيدَةٌ، فَقَامَ رَجُلٌ، فألْقَتْهُ بجَبَلِ طَيِّئٍ (¬١).
ولكن دأب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الطريق أنه كان يجمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء جمع التقديم وجمع التأخير كليهما. ونزل الجيش الإسلامي بتبوك، وعسكر واستعد للقاء العدو، وخطب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أصحابه، روى الإمام أحمد في مسنده من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم خطب الناس بتبوك: «مَا فِي النَّاسِ مِثْلُ رَجُلٍ آخِذٍ بِرَأْسِ فَرَسِهِ، يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَيَجْتَنِبُ شُرُورَ النَّاسِ، وَمِثْلُ آخَرَ بَادٍ (¬٢) فِي نِعْمِهِ يَقْرِي (¬٣) ضَيْفَهُ وَيُعْطِي حَقَّهُ» (¬٤).
وأما الرومان وحلفاؤهم فلما سمعوا بزحف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
---------------
(¬١) صحيح البخاري برقم (١٤٨١)، وصحيح مسلم برقم (١٣٩٢).
(¬٢) باد: أي مقيم في البادية.
(¬٣) الأنعام وهي المال الراعية، الإبل والبقر والضأن والمعز، وأكثر ما يقع هذا الاسم على الإبل، ويقري يضيف، ويعطي حقه، أي يؤتي الزكاة.
(¬٤) (٣/ ٤٤٦) برقم (١٩٨٧)، وقال محققوه: إسناده صحيح.

الصفحة 535