كتاب الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة (اسم الجزء: 12)

وشهد عملاء الرومان نهايتهم إلى حد كبير.
ورجع الجيش الإسلامي من تبوك مظفرين منصورين لم ينالوا كيدًا، وكفى الله المؤمنين القتال. وفي الطريق إلى المدينة تآمر اثنا عشر رجلًا من المنافقين، وقيل: أربعة عشر أو خمسة عشر على الغدر برسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومزاحمته على العقبة (¬١).
ولكن الله عصم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منهم، فروى الإمام أحمد في مسنده عن أبي الطفيل - رضي الله عنه - قال: لَمَّا أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ أَمَرَ مُنَادِيًا فَنَادَى: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَخَذَ الْعَقَبَةَ، فَلَا يَأْخُذْهَا أَحَدٌ، فَبَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُودُهُ حُذَيْفَةُ وَيَسُوقُ بِهِ عَمَّارٌ إِذْ أَقْبَلَ رَهْطٌ مُتَلَثِّمُونَ عَلَى الرَّوَاحِلِ (¬٢).
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لحذيفة: «قَدْ، قَدْ» (¬٣) حتى هبط رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما هبط رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورجع عمار، فقال: «يَا عَمَّارُ، هَلْ عَرَفْتَ الْقَوْمَ؟» فقال: قد عرفت عامة الرواحل
---------------
(¬١) العقبة: الجبل الطويل، لسان العرب (٩/ ٣٠٦).

قال النووي في شرح مسلم (١٧/ ١٢٤): وهذه العقبة ليست العقبة المشهورة بمنى التي كانت بها بيعة الأنصار - رضي الله عنهم - وإنما هذه عقبة على طريق تبوك اجتمع المنافقون فيها للغدر برسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - في غزوة تبوك فعصمه الله منهم.
(¬٢) الراحلة من الإبل البعير القوي على الأسفار والأحمال، والذكر والانثى فيه سواء، انظر النهاية (٢/ ١٩١).
(¬٣) قد: أي حسبي، وتكرارها لتأكيد الأمر، النهاية (٤/ ١٨).

الصفحة 537