كتاب الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة (اسم الجزء: 12)

يبدأبالمسجد، فأتى مسجده فصلى فيه ركعتين ثم جلس للناس.
فأما المنافقون - وهم بضعة وثمانون رجلًا فجاءوا يعتذرون بأنواع شتى من الأعذار، وطفقوا يحلفون له، فقبل منهم علانيتهم وبايعهم واستغفر لهم ووكل سرائرهم إلى الله.
أما النفر الثلاثة من المؤمنين الصادقين وهم كعب بن مالك ومرارة بن الربيع وهلال بن أمية، فاختاروا الصدق، فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصحابة ألا يكلموا هؤلاء الثلاثة. وجرت ضد هؤلاء الثلاثة مقاطعة شديدة وتغير لهم الناس حتى تنكرت لهم الأرض، وضاقت عليهم بما رحبت، وضاقت عليهم أنفسهم، وبلغت بهم الشدة إلى أنهم بعد أن قضوا أربعين ليلة من بداية المقاطعة أُمروا أن يعتزلوا نساءهم حتى تمت على مقاطعتهم خمسون ليلة، ثم أنزل الله توبتهم، قال تعالى: {وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (١١٨)} [سورة التوبة، آية رقم: ١١٨].
وقال تعالى: {لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ} [سورة التوبة، آية رقم: ٩١]. وفرح المسلمون، وفرح الثلاثة فرحًا عظيمًا، وكان أسعد يوم من أيام حياتهم،

الصفحة 540