كتاب الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة (اسم الجزء: 12)

نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ»، هذا يرجع على أن الجزاء من جنس العمل، وقد تكاثرت النصوص بهذا المعنى، كقوله - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّمَا يَرْحَمُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ» (¬١)، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ اللَّهَ يُعَذِّبُ الَّذِينَ يُعَذِّبُونَ النَّاسَ في الدُّنْيَا» (¬٢).
وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً، فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ القِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ القِيَامَةِ» (¬٣).
والكربة: هي الشدة العظيمة التي توقع صاحبها في الكرب، وتنفيسها أن يخفف عنه منها، مأخوذ من تنفيس الخناق، كأنه يرخي له الخناق حتى يأخذ نفسًا، والتفريج أعظم من ذلك وهو: أن يزيل عنه الكربة فتنفرج عنه كربته ويزول همه وغمه.
فجزاء التنفيس: التنفيس، وجزاء التفريج: التفريج.
قوله: «كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ»، ولم يقل: من كرب الدنيا والآخرة كما في التيسير والستر، قيل في مناسبة ذلك:
---------------
(¬١) صحيح البخاري برقم (٧٤٤٨)، وصحيح مسلم برقم (٩٢٣) من حديث أسامة ابن زيد - رضي الله عنهما -.
(¬٢) صحيح مسلم برقم (٢٦١٣) من حديث هشام بن حكيم بن حزام - رضي الله عنهما -.
(¬٣) صحيح البخاري برقم (٢٤٤٢)، صحيح مسلم برقم (٢٥٨٠) من حديث عبد اللَّه ابن عمر - رضي الله عنهما -.

الصفحة 568