كتاب سلسلة جهاد شعب الجزائر (اسم الجزء: 12)

لم يوضع أحد في طريقي حتى يملي علي دعايته ويفرضها فرضا. إذ أن قوات (المجاهدين) لا تعتمد هذه الأساليب المعقدة. وجهاز دعايتها متناه في بساطته، وتقارير الجنود والضباط في موضوع الإرهاب الفرنسي ليست من ذلك النوع المعتاد، المدروس، الذي يهيأ ليلقى على مسامع الزوار، بل هي عبارة عن انفجارات غضب غير مفتعل. وصحيح أن هذا ليس سوى مظهر واحد من مظاهر حرب الجزائر. وأن بلوغ مركز (المجاهدين) أمر ممكن. وكذلك الانتقال من مركز إلى مركز، ما بين الحدود التونسية والمغربية. ولكن هذه العملية تتطلب أشهرا عديدة من مسير ليلي منهك، فضلا عما تنطوي عليه من أخطار. وحتى لو أني لم أزر سوى عشرات الجبال والأودية المجاورة للحدود التونسية، ولو افترضنا أن في الروايات التي سمعتها عن أعمال الخصم كثيرا من المبالغات وعديدا من النقاط القاتمة، وحتى لو أن (المجاهدين) يرتكبون فظائع ضد العرب الذين يخدمون المصالح الفرنسية بنشاط، حتى لو صح كل ذلك، فهل لي أن أشك في أن (المجاهدين) قد نالوا الثقة وهم يمثلون الغالبية العظمى من العرب الجزائريين، أو في أن الجيش الفرنسي يوسع، يوما فيوما، الهوة بين الطرفين المتنازعين ويزيد الحقد بوسائله العسكرية. إذن، فلماذا تكون الجبال والأودية مختلفة عما عداها من أرض الجزائر؟
أما أعمال التجنيد لجيش التحرير الوطني فهي واحدة في كل مكان فأبناء المنطقة يلتحقون بالجبال، ويتدربون على استخدام الأسلحة، ويصبحون جنودا ليلتحقوا بجيش التحرير الوطني. ويعتبر السكان أن جنود الجبل هم (جيش التحرير الحقيقي) أداة

الصفحة 18