كتاب سلسلة جهاد شعب الجزائر (اسم الجزء: 12)

نور تعشو له الأبصار، فوق رؤوسنا. ولم تمض ثانية واحدة حتى صم آذاننا صوت انفجار قنبلة يدوية .. وبعد حين كان هجوم المجاهدين قد انتهى وأعطى الرئيس أمره بالانسحاب عبر الروابي، على إيقاع انفجارات القنابل. ولم يكن هجوم المجاهدين على مركز العدو قد استغرق أكثر من خمس دقائق، غير أنها فترة رهيبة على قصرها، كانت القنابل التي ألقيت على القلعة تمزق سكون الليل، بينما شرعت في الرد عليها الأسلحة الآلية الثقيلة للقوات الفرنسية، فترسم بقذائفها أقواسا مضيئة في الليل. ولم يكن يسمع في الأسفل سوى صراخ الفرنسيين ونداءاتهم من الخنادق والتحصينات.
كان هجوما كغيره من الهجمات، معركة بلغت خلال دقائق الذروة المرتجاة التي استعد المجاهدون لبلوغها خلال أيام عديدة ولقد بدأت العملية بنشيد السير لجنود تملؤهم الحماسة، ولا تتجاوز أعمارهم الخامسة عشرة، ثم انتهت بانسحاب منهك عبر مجاري الأنهار المظلمة، متعثرين بالحجارة، ومتسلقين الروابي الرملية، مع العدو والانبطاح على الأرض، تبعا لإيقاع رمي مدفعية الفرسيين.
كان الأمر فوريا، وقد تم إبلاغه من غير إنذار. فقد أدخل ضابط صف رأسه من باب الكوخ وأخبرنا أنه ينبغي لنا مغادرة الجبال والإسراع إلى الأودية .. إن الأمر بالعملية قد صدر ولا ريب، من المقر العام بدقة، وكنا خلال النهار قد تناقشنا حول إمكانية مرافقتهم كمراقب في عملية ليلية أو في كمين ضد قافلة فرنسية في وضح النهار، غير أن الفرص لم تكن كثيرة وكان ضابط مرح من فوج آخر قد دعاني لحضور معركة كبرى حقيقية،

الصفحة 22