كتاب سلسلة جهاد شعب الجزائر (اسم الجزء: 12)

يكون جافا. وقد تعلموا بسرعة كيف يضعون منديلا على فوهة الزجاجة لتصفية الماء وتخليصه من القاذورات التي تعطيه طعما أو لونا خاصا. وما أن يفرغون من تسوية أمورهم في الصباح حتى يتجمعوا حول مائدة طويلة مصنوعة من جذوع الأشجار، فلا يجلس أحدهم إلا بعد أن يصافح الآخرين أو يقبلهم على وجوههم.
جلس أحدهم يضرب على الآلة الكاتبة تقريرا عن الفوج باللغة الفرنسية إلى القيادة العامة، وكان يجلس في الهواء الطلق، ويتمتم باللغة العربية. ولم يكن من الصعب معرفة اتجاه الحديث، وأنه يدور عن الحرب، ذلك أن الضباط المجاهدين يستعملون الأعداد والشارات للأسلحة الفرنسية وبدأ أحدهم يتكلم الفرنسية، وكان يصف المدفعية العدوة بكثير من الدقة والتفصيل. فلا يترك شاردة إلا ويذكرها. ولا شك أنه درس في مدرسة فرنسية، وكراهيته لمعلميه غير محدودة. قال: لقد حاربت في صفوف الجيش الفرنسي في فيرتنام (الهند الصينية) وكنت في (ديان بيان فو) ولم نكن نحن الجزائريين، في المرحلة الأخيرة من الحرب، لنطلق النار على الأعداء. فجيش (فييت مينه) كان يحارب في سبيل حرية بلاده. وما كان للمعاقل الفرنسية أن تسقط لو أننا استبسلنا في الدفاع عنها. وأخذ ضابط آخر طرف الحديث: لقد قضى خمس سنوات في مزارع الأرز في دلتا الهند الصينية الجنوبية ومع ذلك، فقد احتجز أكثر من ستة أشهر بعد الهدنة، ويؤ كد هذا الضابط أن الفرنسيين رفضوا في البداية السماح له بالعودة إلى وطنه - الجزائر - لعلمهم أن جميع أفراد عائلته قد التحقوا بقوات جيش التحرير، ولكنهم في النهاية اضطروا للسماح له

الصفحة 27