كتاب سلسلة جهاد شعب الجزائر (اسم الجزء: 12)

الأكواخ، وعام الرعب القرى المحروقة، وهرب السكان إلى الجبال. ولكن كل الناس لم يستطيعوا الهرب. ولم يتمكن أحد الرجال من النجاة من القنابل، واثنان آخران أخذا أسرين فأعدمهما الفرنسيون رميا بالرصاص. وما أن تبددت سحب الدخان والغبار، وانكفأت الدبابات عائدة إلى الشمال، حتى عاد سكان الوادي ليبحثوا عما كان (بيوتا) لهم من قبل - وشرعوا ينبشون بين الرماد لاستخراج الحجارة، ووضع أساسات جديدة. ولقد اختطف الفرنسيون زوج المرأة العجوز، وانتهبوا كل ما كانت قد ادخرته لأيام العسرة. لم يقدني أحد لسماع شهادة هذه العجوز، فليس ثمة وجود هنا لرجال الدعاية المحتالين.
ويبقى أقوى من كل الشهود والخرائب، أيدي أولئك الفلاحين التي تتشبث بأسلحة الجنود: ورد الفعل عند الأطفال. وقد حدث لي أكثر من مرة أني عندما كنت أنزل بين تجمعات أكواخ الفلاحين أن ألتقي بأطفال يصرخون ذعرا وهم يختفون بين ظلام الأكواخ. وعندما يأخذ اليأس مني كل مأخذ، أصحب معي أحد الجنود،
وأبحث عنهم لأهدىء من روعهم، وأوضح لهم موقفي. وكان يكفي الطفل أن يراني بصحبة أحد الجنود حتى يتخلى عن كل خوف أو وجل، بل إن خوفه ينقلب إلى حب استطلاع مثير للسلوى. وأما تفسير خوف الأطفال فإنه مبني - يقينا - على تصورهم لأول وهلة أن وجهي الغريب هذا لا بد أن يكون وجها فرنسيا. وهكذا عشنا أياما، قام خلالها المجاهدون بشن هجوم على قلعة فرنسية.
قمنا بزيارة كوخ لا يختلف البتة عن بقية الأكواخ المحيطة به ما خلا علما أبيض وأخضر يتوسطه الهلال والنجمة، وهو علم جبهة

الصفحة 30