كتاب سلسلة جهاد شعب الجزائر (اسم الجزء: 12)

لحساب الأعداء. فإذا رفض، عندئذ يحكم عليه بالموت. وخلال عدة أيام تصل الرسالة إلى (الخائن) وسوف يرى شارة (الإنذار الأخير) على الزاوية اليسرى من المغلف (الظرف) فيفهم المقصود رغم لهجة الرسالة المطمئنة وختامها الرقيق، مع الإخلاص والاحترام. وسوف يعلم أنه إذا لم يخضع للتهديد، اجتمعت هيئة من المحلفين تحت علم الثورة، وكلفت ثلاثة رجال بتنفيذ الحكم الذي تصدره، وتكون مهمتهم مطاردة المحكوم عليه ليلا ونهارا. ووضع الضابط ربطة المغلفات بهدوء، وكانت تناهز اثني عشر مغلفا، في محفظته. ثم تابع حديثه مع رئيسه بهدوء - باللغة العربية - وبعد بضع دقائق حمل محفظته واختفى. وكانت هذه هي المرة الأولى التي أرى فيها هذا الضابط. لقد جاء من السهل ولا شك، من الجانب الآخر للجبل. ونظر إلى الرئيس، وقدم لي النار لأشعل لفافة التبغ (السيكارة) وأجاب على سؤالي: (كلا! إننا لم ننفذ أي حكم في قطاعي، غير أنه سبق لنا أن حاكمنا وصفينا بعض الخونة والجواسيس).
وكانت هذه هي المرة الأولى التي أقابل فيها، بشكل مباشر ومؤثر شهود الحرب الأخرى. معركة (المجاهدين) بالقنابل اليدوية والمسدسات والمدي- السكاكين - في المناطق الواقعة تحت المراقبة الفرنسية جزئيا أو كليا. وقلما يتحدثون في المجال عن هذه المعارك - غير أني التقيت برجال آخرين من جيش التحرير الوطني الجزائري ومن أنصاره الذين أعطوا تفصيلات عن (المغاوير -الفدائيين) وعن (فرق الانتحار) وعن (الإرهاب في المدن).
وتصف الدعاية الفرنسية الأعمال التي تستخدم فيها القنابل اليدوية بأنها تعبير عن (التعطش إلى الدماء)، وأنها أعمال (وحشية غير

الصفحة 34