كتاب سلسلة جهاد شعب الجزائر (اسم الجزء: 12)

وتربطهم أواصر الأخوة. ومن هؤلاء الشبان الذين لا تتجاوز أعمارهم الخامسة والعشرين سنة، يتخرج الضباط والقادة العسكريون والمسؤولون الحربيون من بين المئات والألوف من المواطنين الجزائريين الذين تقول فيهم أغنية شعبية:
(إن شباب اليوم شابت رؤوسهم)
غير أنهم احتفظوا بالرغم من ذلك، بحيويتهم وابتسامتهم وإيمانهم بالمستقبل، وقد لمست عمق هذا الإيمان في مناسبات كثيرة، وهو الأمر الذي تبرزه محادثة أجريتها مع أحد المجاهدين، حيث قال لي ببساطة: هل يحسب المستعمرون أن أولئك الذين صعدوا إلى الجبال سوف ينزلون منها، قبل أن يحصلوا على الاستقلال، ولو فرضنا أنه لم يبق بالجزائر إلا امرأة واحدة، إلا امرأة عمياء، فإنها لن تتردد في حمل السلاح والكفاح من أجل وطننا. ولو فرضنا أن تلك المرأة قد استشهدت بدورها أثناء اضطلاعها بواجبها، فإن الجزائر كلها، الجزائر التي أبيد أهلها وأحرقت غاباتها سوف تثور حجارتها على المستعمر الطاغية).
وعندما يتحدث المجاهدون فيما بينهم عن مشاريعهم في المستقبل، فإنهم لا يقولون مثلا: (في اليوم الذي يقف فيه القتال) وإنما يقولون: (في يوم الاستقلال). هذا وإن المسؤولين لا يتم تعيينهم في مواقع المسؤولية تبعا لكفاءتهم العسكرية والقيادية فحسب، وإنما تراعى زيادة على ذلك أقدميتهم في العمل الثوري قبل اندلاع الثورة، ولا يحتمل القائد أثناء التدريب أي تقصير أو تهاون، ولا يقبل أية مخالفة أو تمرد على الأوامر، ولكن شرفه لا يسمح له في الوقت ذاته بإهانة الجندي أو التصغير من شأنه. إذ أنه يعتبر كل واحد نفسه أنه مجاهد يؤدي

الصفحة 42