على روايةِ عامرٍ، وأمَّا قولُ شَقِيقٍ في روايةِ عامرٍ: (رَأَيتُ عُثْمَانَ) فمِن أوهامِ عامرٍ، إلا أن يكونَ فِعْلُ عُثْمَانَ هذا تَكَرَّر، فسَمِعَه شَقِيقٌ أولًا مِن حُمْرانَ، ثُمَّ رَآهُ بنفْسِه، فحَدَّثَ به تارةً هكذا وتارةً هكذا، والله أعلم.
ولكنْ قد يُرجِّحُ قولَ المُحَسِّنينَ والمُصَحِّحينَ أن حديثَهُ هذا ليس فيه ما يُنكَرُ، فما زاده فيه عن رواية الصحيحين له طُرُقٌ وشواهِدُ يَصِحُّ بها، فانظر (باب صفة مسْحِ الأُذُن)، و (باب تخليل اللحية)، و (باب تخليل الأصابع)، وفي مسْحِ الأُذُنِ طُرُقٌ أخرى تَقَدَّمَتْ.
ولذا لَمَّا ذَكَر ابنُ المُلَقِّنِ شواهِدَه قال: "فهذا اثنا عشَرَ شاهدًا لحديثِ عُثْمَانَ رضي الله عنه، فكيفَ لا يكونُ صحيحًا؟ والأئمَّةُ قد صَحَّحَوه: التِّرْمِذيُّ في (جامعه)، وإمامُ الأئمَّةِ محمدُ بنُ إسحاقَ بنِ خُزَيْمةَ، وأبو حاتم بنُ حِبَّانَ في (صحيحيهما)، والدَّارَقُطنيُّ كما تَقَدَّمَ عنه، والحاكمُ أبو عبد الله في (مستدرَكه)، والشيخ تقيُّ الدِّينِ بنُ الصَّلاحِ. وشَهِدَ له إمامُ هذا الفنِّ أبو عبد اللهِ البُخاريُّ بأنه حديثٌ حَسَنٌ، وبأنه أَصَحُّ حديثٍ في البابِ، فلعلَّ ما نَقَلَه ابنُ أبي حاتم عن أبيه من قوله: ((إنه لا يَثبُتُ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم في تخليلِ اللِّحيةِ حديثٌ)، ومن قول الإمامِ أحمدَ حيثُ سأله ابنُه: (لا يَصِحُّ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم في تخليلِ اللِّحيةِ شيْءٌ)، أن يكون المرادُ بذلك غيرَ حديثِ عُثْمَانَ" (البدر ٢/ ١٩٢).
هذا، وقد وَرَدَ تخليلُ اللِّحيةِ في حديثِ عُثْمَانَ مِن طُرُقٍ أخرى غيرِ طريقِ عامرِ بنِ شَقِيقٍ:
* فرواه الطَّبَرانيُّ في (الأوسط ٦٢٥٣)، و (مسند الشاميين ٢٤٠٢) عن محمدِ بنِ عليٍّ الصائِغِ، قال: نا محمدُ بنُ معاويةَ النَّيسابوريُّ، قال: نا شُعَيبُ بنُ رُزَيْقٍ، عن عَطاءٍ الخُراسانيِّ، عن سعيدِ بنِ المُسَيِّبِ، قال: ((رَأَيْتُ