كتاب مسائل لخصها الشيخ محمد بن عبد الوهاب من كلام بن تيمية (مطبوع ضمن مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب، الجزء الثاني عشر)

(109) إذا كان الكلام في سياق التوحيد، ونفي خصائص الرب عما سواه
لم يجز أن يقال: هذا سوء عبارة في حق من دون الله من الأنبياء والملائكة، فإن المقام أجل من ذلك، وكل ما سوى الله يتلاشى عند تجريد توحيده، والنبي صلى الله عليه وسلم كان من أعظم الناس تقريرا لما يقال على هذا الوجه، وإن كان هو المسلوب، كما قالت عائشة لما أخبرها ببراءتها: "والله لا أقوم إليه ولا أحمده، ولا أحمد إلا الله" 1، وفي لفظ "بحمد الله لا بحمدك"، فأقرها صلى الله عليه وسلم وأبوها على ذلك، لأن الله سبحانه الذي أنزل براءتها بغير فعل أحد. قال حبان: قلت لابن المبارك: إني لاستعظم هذا القول، قال: ولت الحمد أهله. وفي الحديث الذي رواه الإمام أحمد قول الأسير: "اللهم إني أتوب إليك ولا أتوب إلى محمد، قال: عرف الحق لأهله" 2 وكان يعلم أصحابه تجريد التوحيد، فقال: "لا تقولوا: ما شاء الله وشاء محمد، ولكن قولوا: ما شاء الله ثم شاء محمد" 3 وقال له رجل: ما شاء الله وشئت، فقال: "أجعلتني لله ندا؟ بل ما شاء الله وحده". وما أحدثه الله بغير فعل منه أضافه إلى الله وحده كما قال لكعب بن مالك لما قال له: أَوَ من عندك أَوْ من عند الله؟ قال: "بل من عند الله"، ومعلوم أنه لو كان من عند النبي صلى الله عليه وسلم لكان من عند الله بمعنى أنه خلقه، فجميع الحادثات من عنده بهذا الاعتبار، ولكن المقصود أنه صلى الله عليه وسلم لم يصدر عنه فعل في هذه التوبة إلا أنه بلغ الرسالة.
(110) وقال في الكلام على قوله: {قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ} 4
الآية: تدل على أن الاستهزاء بالله كفر، وبآياته كفر، وبالرسول كفر
__________
1 البخاري: الشهادات (2661) , ومسلم: التوبة (2770) , وأحمد (6/194) .
2 أحمد (3/435) .
3 أبو داود: الأدب (4980) , وأحمد (5/384 ,5/393 ,5/398) .
4 سورة التوبة آية: 65.

الصفحة 104