كتاب مسائل لخصها الشيخ محمد بن عبد الوهاب من كلام بن تيمية (مطبوع ضمن مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب، الجزء الثاني عشر)
من جهة الاستهزاء بالله وحده كفر بالضرورة، فلم يكن ذكر الآيات والرسول شرطا، فعلم أن الاستهزاء بالرسول كفر وإلا لم يكن لذكره فائدة، وكذلك الآيات؛ وأيضا فالاستهزاء بهذه الأمور متلازم. والضالون مستخفون بتوحيد الله تعالى، يعظمون دعاء غيره من الأموات وإذا أمروا بالتوحيد، ونهوا عن الشرك، استخفوا به، كما قال تعالى: {وَإِذَا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُواً} 1 الآية؛ فاستهزؤوا بالرسول لما نهاهم عن الشرك. وما زال المشركون يسبون الأنبياء، ويصفونهم بالسفاهة والضلال والجنون إذا دعوهم إلى التوحيد، لما في أنفسهم من عظيم الشرك. وهكذا تجد من فيه شبه منهم إذا رأى من يدعو إلى التوحيد استهزأ بذلك لما عنده من الشرك، قال الله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ} 2، فمن أحب مخلوقا مثل ما يحب الله، فهو مشرك. ويجب الفرق بين الحب في الله والحب مع الله، وهؤلاء الذين اتخذوا القبور أوثانا تجدهم يستهزؤون بما هو من توحيد الله وعبادته، ويعظمون ما اتخذوه من دون الله شفعاء، ويحلف أحدهم اليمين الغموس كاذبا، ولا يجترئ أن يحلف بشيخه كاذبا. وكثير من طوائف متعددة يرى أحدهم أن استغاثته بالشيخ إما عند قبره، أو غير قبره، أنفع له من أن يدعو الله في المسجد عند السحر، ويستهزئ بمن يعدل عن طريقته إلى التوحيد. وكثير منهم يخربون المساجد ويعمرون المشاهد؛ فهل هذا إلا من استخفافهم بالله وبآياته، ورسوله، وتعظيمهم للشرك؛ وإذا كان لهذا وقف ولهذا
__________
1 سورة الفرقان آية: 41.
2 سورة البقرة آية: 165.
الصفحة 105
209