كتاب مسائل لخصها الشيخ محمد بن عبد الوهاب من كلام بن تيمية (مطبوع ضمن مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب، الجزء الثاني عشر)
(111) نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الرقى التي فيها شرك
كالتي فيها استعاذة بالجن، كما قال تعالى: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْأِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً} 1؛ ولهذا نهى العلماء عن التعازيم، والأقسام التي يستعملها بعض الناس في حق المصروع وغيره التي تتضمن الشرك، بل نهوا عن كل ما لا يعرف معناه من ذلك خشية أن يكون فيه شرك. ومن قال لغيره: أسألك بكذا، فإما أن يكون مقسما فلا يجوز بغير الله، وإلا فهو من باب السؤال به. فتبين أن السائل لله بخلقه إما أن يكون حالفا بمخلوق، وذلك لا يجوز، وأما أن يكون سائلا به وتقدم تفصيله. وأما إذا أقسم على الله مثل أن يقول: أقسمت عليك يا رب لتفعلن كذا، كما كان البراء بن مالك وغيره من السلف يفعله، وفي الصحيح: "رب أشعث أغبر لو أقسم على الله لأبره" 2، فهذا من الإقسام عليه تعالى به ليس إقساما عليه بمخلوق. ومعنى قوله: أسألك بالرحم ليس إقساما لكن بسبب الرحم لأنها توجب حقوقا، لسؤال الثلاثة بأعمالهم الصالحة، وكسؤالنا بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم وشفاعته في حياته، ومنه ما روي عن علي أن عبد الله بن جعفر إذا سأله بحق جعفر أعطاه، ومنه الحديث الذي أسألك بحق السائلين عليك وبحق ممشاي هذا. إلخ
فحق السائلين والعابدين الإجابة والإثابة، فذلك سؤال له بأفعاله كالاستعاذة بنحو ذلك، كقوله: أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وبك منك، لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك؛ فالاستعاذة بمعافاته التي هي فعله من السؤال بإثابته التي هي فعله، وقوله في الحديث "ونستشفع بالله عليك"3، وتسبيحه صلى الله عليه
__________
1 سورة الجن آية: 6.
2 الترمذي: المناقب (3854) .
3 أبو داود: السنة (4726) .
الصفحة 107
209