كتاب مسائل لخصها الشيخ محمد بن عبد الوهاب من كلام بن تيمية (مطبوع ضمن مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب، الجزء الثاني عشر)

كانت ألفاظ القرآن منقولة بالتواتر بخلاف بعض الحديث، وطمع الشيطان في تحريف معانيه، وتغيير ألفاظ الرسول بالزيادة والنقص، أقام الله من يحفظ بهم دينه، يحملون العلم الموروث عنه، فينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين؛ فبينوا ما أدخل أهل الكذب والغلط في ألفاظ الحديث، وما أدخل أهل التحريف في معاني القرآن والحديث، كما قال صلى الله عليه وسلم: "لا تزال طائفة من أمتي على الحق لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم حتى تقوم الساعة" 1.
(113) وقال في الكلام على إهداء الثواب للنبي صلى الله عليه وسلم:
الأعمال لا تعمل إلا لله، ولا يطلب أجرها إلا منه، وإن وصل بها نفع عظيم إلى الأنبياء وغيرهم فإنهم دعوا إلى عبادته، وبينوا أن الجزاء عليه لا عليهم، كما قال تعالى: {فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ} 2. وكثير من الضلال يطلبون الجزاء من الأولياء كأنهم يعبدونهم، أو كأنهم عملوا لأجلهم، فصاروا شبه النصارى نزلوا المخلوق بعد موته منْزلة الخالق، لأن الأولياء في حياتهم لا يمكنون أحدا من الإشراك بهم، كما قال المسيح عليه السلام: {مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ} 3 الآية، وقال: {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا} 4 الآيتين. ولهذا كان خاتم الرسل المبعوث بملة إبراهيم قد أقام الحنيفية كما نعت بذلك في الكتب كقوله: "ولن أقبضه حتى أقيم به
__________
1 الترمذي: الفتن (2192) , وابن ماجه: المقدمة (6) , وأحمد (3/436 ,5/35) .
2 سورة الرعد آية: 40.
3 سورة المائدة آية: 117.
4 سورة آل عمران آية: 79.

الصفحة 109