كتاب مسائل لخصها الشيخ محمد بن عبد الوهاب من كلام بن تيمية (مطبوع ضمن مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب، الجزء الثاني عشر)
الملة العوجاء". إلخ. وقال: "لا تطروني كما أطرت النصارى" 1 إلخ. ثم ذكر الأحاديث التي قالها في مرضه، وقبله، وفي الصحيحين عنه: "لتركبن سنن من كان قبلكم" 2 الحديث، وقد شرحنا هذا الحديث، وتكلمنا على جملة مما وقع من ذلك. والمقصود هنا أن النصارى فيهم إشراك وغلو وابتداع، كقوله: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ} الآية..، وقوله {وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا} وقوله {لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ} ؛ فصار ذلك في كثير من هذه الأمة. ومثله هؤلاء الذين يهدون العبادات إلى الأنبياء لطلب الأجر منهم، أما إشراكهم فقد ضاهوا المخلوق بالخالق، وأما الابتداع فهذا العمل لم يسنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، والغلو حيث جعلوا في البشر شوبا من الربوبية والإلهية، والغنى عن صاحبه إلى النفع. وهم في تقربهم إلى غير الله بالأعمال يشبهون المتوكلين على غير الله المستغيثين بغيره. والفقر للمخلوق وصف لازم لا يفارقه في الدنيا، ولا في الآخرة، بل العبد محتاج إلى الله من جهة ربوبيته، فلا يستعين بغيره، ومن جهة الألوهية فلا يعبد غيره، كما قال تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} 3؛ فإن لم يعبده خسر الدنيا والآخرة، وإن لم يعنه على عبادته لم يقدر عليها. وإذا كان الخلق كلهم فقراء إلى الله، والله يرحمهم بما شاء من الأسباب، ومن ذلك دعاء بعضهم لبعض، وإحسان بعضهم إلى بعض؛ والدعاء يكون من الأدنى للأعلى بلا غضاضة على الأعلى، فالله الذي أمرنا بالصلاة
__________
1 البخاري: أحاديث الأنبياء (3445) , وأحمد (1/23 ,1/24 ,1/47 ,1/55) .
2 البخاري: الاعتصام بالكتاب والسنة (7320) , ومسلم: العلم (2669) , وأحمد (3/84 ,3/89 ,3/94) .
3 سورة الفاتحة آية: 5.
الصفحة 110
209